تعريف التربة
هي وسط مسامي تغطي الطبقة العليا من قشرة الأرض، وهي واحدة من المكونات الرئيسة للحياة على الأرض، وتعمل كخزان للمياه والمغذيات، وكوسيط لفلترة النفايات الضارة وتكسيرها، وكمشارك في تدوير الكربون والعناصر الأخرى من خلال النظام البيئي العالمي، وقد تطورت من خلال عمليات التجوية مدفوعة بالتأثيرات البيولوجية والمناخية والجيولوجية والطبوغرافية.
تختلف التربة على نطاق واسع في خصائصها بسبب الاختلاف الجيولوجي والمناخي، فعلى سبيل المثال يمكن أن يتراوح سمك التربة من بضعة سنتيمترات إلى عدة أمتار اعتمادًا على شدة ومدة التجوية وحجم ترسب التربة وتعريتها وأنماط تطور المناظر الطبيعية، ومع ذلك وبالرغم من هذا التباين تتميز التربة بجميع أنواعها بخاصية هيكلية فريدة تميزها عن المواد الأرضية الأخرى وتعمل كأساس لتصنيفها.
منذ ظهور الزراعة في الألفية الثامنة قبل الميلاد، نشأ بالضرورة وعن وعي أهمية التربة وإدارتها، وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر جلبت الثورة الصناعية ضغطًا متزايدًا على التربة لإنتاج المواد الخام التي تطلبها الصناعة، وفي المقابل أتاح تطوير العلوم الكمية فرصًا جديدة لتحسين إدارة التربة من أجل تعزز نمو النبات والاستخدامات الصناعية، وقد توسعت الدراسات حول التربة وأنواعها ليشمل فهم التربة كنظم معقدة وديناميكية وبيوجيوكيميائية حيوية لدورات حياة النباتات الأرضية والكائنات الحية التي تعيش في التربة.[1]
أنواع التربة
نستعرض من خلال التالي مجموعة مفصلة من أنواع التربة، وهي:[2]
- التربة الطينية: وهي تربة طرية وناعمة للغاية بسبب احتفاظها بالكثير من الماء، وعلى الرغم من الخصائص الجيدة لهذا النوع من التربة إلا أنها تفتقر إلى العناصر الغذائية مقارنة بأنواع التربة الأخرى، وتعد التربة الطينية سيئة الاستخدام خاصة في الحدائق المنزلية، حيث يمكن أن تتعرض إلى الضغط بسهولة مما قد يؤدي إلى حجب التهوية عن أجزاء التربة الداخلية.
- التربة الطميية: وهي واحدة من الأنواع المثالية للتربة وهي مزيج من الرمل والطين والطمي وحتى بعض الدبال، ومع مستوى الأس الهيدروجيني للتربة اللامية البالغ 6 ومستويات عالية من الكالسيوم تمتاز التربة اللامية بمقدرتها على الاحتفاظ بالمغذيات والمياه بصورة جيدة للغاية، كما أنها جيدة التهوية.
- التربة الرملية: تعد التربة الرملية واحدة من أسوأ أنواع التربة التي تستحدم في المجال الزراعي وذلك لأنها تحتوي على واحدة من أكبر المسامات والتي تمنع التربة من الاحتفاظ بالمياه مما يجعل من الصعب على جذور النباتات الوصول إلى الماء.
- التربة الخثية: عادة ما تكون التربة الخثية بنية داكنة ولكنها قد تكون سوداء أيضًا، وتمتاز هذه التربة باحتوائها على الكثير من المواد العضوية وقدرتها على الاحتفاظ بالمياه مما يجعلها واحدة من أفضل أنواع التربة للزراعة، ولكن قبل زراعة النباتات يجب تجفيف التربة أولاً.
بسبب ارتفاع نسبة الماء والمغذيات، تحافظ التربة الخثية على صحة النباتات حتى في الطقس الجاف وتحمي النباتات من الضرر في الأشهر الممطرة، حيث إن المحتوى المائي للتربة الخثية قليل الحمضية وجيد للسيطرة على الأمراض التي قد تُصيب النبات، ويُشار إلى أن التربة الخثية تُستخدم لموازنة مستوى الأس الهيدروجيني للأنواع الأخرى من التربة.
- التربة الطباشيرية: توجد هذه الأنواع من التربة في المناطق التي تحتوي على روسب عميقة من الحجر الجيري، ومن الناحية الزراعية لا يُنصح باستخدام التربة الطباشيرية وذلك لأنها تحتوي على نسبة منخفضة من الماء علاوة على النسبة العالية من الجير، ولعل هذا هو السبب في أن مستوى الحموضة فيها 7.5 وهذا يعني أن التربة الطباشيرية قلوية وقد تتسبب بجعل أوراق النباتات صفراء ومتقزمة.
كيمياء التربة وألوانها
يذيب الماء في التربة العناصر الغذائية والمواد الكيميائية الأخرى، وتحتوي المغذيات مثل البوتاسيوم والأمونيوم على شحنات إيجابية بينما يحمل الطين والمواد العضوية في التربة شحنات سلبية، وبهذا تنجذب المغذيات إلى المواد العضوية والمعدنية سالبة الشحنة مما يمنع فقدانها من خلال الترشيح أثناء تحرك المياه عبر التربة، ويُستثنى من ذلك النترات التي تحمل شحنة سالبة حيث إنها غير محمية من الترشيح في معظم أنواع التربة.
يمكن أن تكون التربة حمضية أو قلوية أو محايدة، ويؤثر الرقم الهيدروجيني للتربة على امتصاص العناصر الغذائية ونمو النبات، حيث تنمو بعض النباتات مثل الكيمارا والبطاطا بصورة أفضل في تربة أكثر حمضية (الرقم الهيدروجيني من 5.0-6.0)، بينما يفضل الجزر والخس التربة ذات درجة الحموضة المحايدة 7.0، ويُشار إلى أن درجة الحموضة للترية قد تتغير، حيث يمكن أن تصبح التربة أكثر حمضية بمرور الوقت بسبب تسرب المعادن، وهنا يضاف الجير إلى التربة لجعلها أقل حمضية.
فيما يخص لون التربة تتراوح من الأسود إلى الأحمر إلى الأبيض وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون أزرقًا، ويأتي لون التربة في الغالب من المواد العضوية والحديد، وغالبًا ما تكون التربة السطحية داكنة بسبب المواد العضوية، ويُشار إلى أن لون التربة مهم جدًا للمتخصصين بدراسة التربة، حيث يدل اللون على درجة احتفاظ التربة بالماء، وهنا يشير اللون المتجانس إلى أن التربة جافة، وفي المقابل يشير الاختلاف في اللون لنفس التربة إلى ضعف تمرير التربة للماء.[3]
أهمية التربة
تلعب التربة دورًا حيويًا في بقاء الكائنات الحية على الأرض، وتشمل أهميتها على:[4]
- تدعم التربة الخصبة نمو النباتات، وهذه النباتات تنتج بدورها احتياجات حيوية للبشر مثل الطعام والملابس والأثاث والأدوية وما إلى ذلك علاوة على تلبية احتياجات الحيوانات للطعام عن طريق الرعي على النباتات.
- توفر التربة الدعم لبقاء العديد من البكتيريا والطحالب والفطريات وغيرها، وهذه البكتيريا والميكروبات الموجودة في التربة تساعد في التوازن البيئي مثل الاحتفاظ بالرطوبة، وتحليل أجسام الحيوانات والنباتات، والتخلص من النفايات والمواد الكيميائية السامة الأخرى بما في ذلك البلاستيك.
- توفر التربة السطحية المأوى للحشرات، والزواحف، والطيور والحيوانات، وهي ضرورية للأنشطة الأخرى مثل التعشيش والتكاثر وما إلى ذلك.
- تحتوي المواد العضوية في التربة على معادن وعناصر أساسية مثل الفوسفات، والكبريتات، والكالسيوم، والزنك، والمغنيسيوم وغيرها الكثير، وتنتقل هذه العناصر من خلال النباتات إلى جميع الأشكال الحية، وبذلك تعمل التربة كمصدر للمعادن والعناصر اللازمة لمختلف تفاعلات الإنزيم والخلية.
- تدخل التربة في صناعة الأواني والبلاط وغيرها من المنتجات، حيث إن البلاط المستخدم في البيوت مصنوع من مكونات التربة الشبيهة بالسيراميك.
- تستخدم محتويات التربة مثل الحصى والطين والرمل وغيرها على نطاق واسع لبناء المنازل، والمباني، والطرق وغيرها.
- تعد التربة مصدرًا لبعض الأدوية المعدنية الهامة مثل الكالسيوم، والحديد، والبنتونيت ومواد أخرى مثل الفازلين والستيت لمستحضرات ومساحيق التجميل.
- تمتص التربة الماء عندما يتساقط المطر، وعندما تُصبح درجة حرارة شمس شديدة يتبخر هذا الماء من التربة مما يُساهم بتلطيف الجو وجعل الهواء أكثر برودة.