مقدمة عن المياه الجوفية
تستخدم المياه الجوفية كمياه للشرب من قبل أكثر من 50 في المائة من سكان الولايات المتحدة بما في ذلك جميع الأشخاص تقريبًا الذين يعيشون في المناطق الريفية، ويتمثل الاستخدام الأكبر للمياه الجوفية في الزراعة وري المحاصيل.
توجد المياه الجوفية في باطن الأرض، وتتكون طبقات المياه الجوفية عادة من الحصى أو الرمال أو الحجر الرملي أو الصخور المكسورة مثل الحجر الجيري، حيث إن المياه يمكنها التغلغل خلال هذه الطبقات بسبب احتوائها على مسامات تجعلها قابلة للاختراق، وتعتمد السرعة التي تتدفق بها المياه الجوفية على حجم المسامات الموجودة في التربة أو الصخور ومدى ارتباط الطبقات ببعضها البعض، ويُشار إلى أن المياه الجوفية توجد في كل مكان تقريبًا، وقد تكون على مستويات عميقة أو ضحلة، وقد ترتفع أو تنخفض بحسب مجموعة من العوامل المؤثرة، حيث إن الأمطار الغزيرة أو ذوبان الثلوج قد يكون سببًا في ارتفاع منسوب المياه، وكذلك من الممكن أن يؤدي ضخ كميات كبيرة من إمدادات المياه الجوفية إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية.[1]
أهمية المياه الجوفية
تشكل المياه الجوفية ما يقرب من 30% من جميع المياه العذبة في العالم، ونظرًا لأن المصدر الأكبر لمياه الأنهار والبحيرات هو من المياه الجوفية، فلا مبالغة عند القول أن جميع المياه التي تُستخدم في الزراعة والصناعة ومياه الشرب تقريبًا إما مياه جوفية أو كانت مياه جوفية في مرحلة ما، وكذلك تلعب المياه الجوفية عددًا من الأدوار المهمة جدًا في البيئة وفي الاقتصاد، حيث إن المياه الجوفية هي الداعم الأساسي للأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة بالمياه وخاصة خلال الأشهر الأكثر جفافًا عندما تقل المدخلات المباشرة الناتجة عن هطول الأمطار، علاوة على أن تدفق المياه الجوفية إلى الأنهار أثناء تسربها عبر قاع النهر والتي تُعرف باسم التدفق السفلي ضروريًا لصحة الحياة البرية والنباتات التي تعيش في الماء، علاوة على العديد من الأسباب التي تجعل المياه الجوفية مصدرًا جيدًا لتوفير المياه، وهي:[2]
- غالبًا ما توجد المياه الجوفية في المناطق التي تقل فيها مصادر المياه السطحية، وهنا تعد المياه الجوفية المصدر الأساسي للتزود بالمياه.
- عادة ما تكون نوعية المياه الجوفية جيدة جدًا، وعادة ما تتطلب معالجة أقل مقارنة مع مياه النهر لجعلها آمنة للشرب، حيث تساعد التربة والصخور التي تتدفق المياه الجوفية من خلالها على إزالة الملوثات وتنقية المياه.
- تتميز المياه الجوفية بثبات الجودة والتنقية الذاتية وعدم التأثر كثيرًا بالملوثات وهذا مهم في الاستخدامات الصناعية.
- لا تتأثر المياه الجوفية كثيرًا للتغيرات في هطول الأمطار وبالتالي تظل متاحة خلال فصل الصيف وخلال فترات الجفاف عندما تجف الأنهار والجداول.
- تُستخدم المياه الجوفية في أجزاء كثيرة من إفريقيا ودول العالم النامي، وذلك لأنه يمكن العثور عليها في كثير من الأحيان بالقرب من القرى ولا تتطلب تكاليف كبيرة لاستخراجها مقارنة مع معالجة المياه السطحية.
- لا تحتاج المياه الجوفية خزانات باهظة الثمن للتخزين قبل استخدامها.
أسباب تلوث المياه الجوفية
على المدى البعد عُرفت المياه الجوفية بأنها نظيفة وخالية من التلوث، ومع ذلك وبسبب التصنيع السريع وزيادة استخدام المواد الكيميائية غالبًا ما تجد العديد من الملوثات طريقها إلى المياه الجوفية، وتتمثل مصادر تلويث المياه الجوفية بالزراعة الكيميائية، ونفايات الصرف الصحي، ومكبات النفايات والملوثات الجوية، وفيما يلي مزيد من التفاصيل:[3]
- المواد الكيمائية الزراعية: تسعى العديد من الدول المتقدمة إلى زيادة الإنتاج الزراعي، وهذا الإنتاج الواسع النطاق للسلع الزراعية يعني زيادة استخدام المواد الكيميائية الزراعية مثل المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والأسمدة التي يبقى جزء منها عالقًا في الجو أو مستقرًا على الأرض، وعندما تمطر تختلط هذه المواد مع مياه الأمطار وتتسرب عبر الطبقات المسامية وينتهي بها المطاف في الوصول إلى المياه الجوفية، وبهذه الطريقة تلوث المواد الكيميائية المياه الجوفية.
- نفايات الصرف الصحي: من الضروري معالجة نفايات الصرف الصحي قبل التخلص منها وذلك من أجل منع المواد الضارة من الوصول إلى باطن الأرض وبالتالي تلويث المياه، ولهذا تُصمم أنظمة الصرف الصحي بطريقة يكون معدل إطلاق النفايات في الأرض بطيئًا للغاية وغير ضار بالبيئة وهذا ساهم كثيرًا في الحفاظ على نظافة المياه واستدامتها، ومع ذلك لا تزال أنظمة الصرف الصحي سيئة التصميم تتسبب بتلويث المياه الجوفية بالفيروسات والبكتيريا والمواد الكيميائية المنزلية وتجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري.
- مكبات القمامة: مع نمو السكان تنمو القمامة يوميًا، ويكون التخلص منها من خلال جمعها ونقلها إلى مواقع معينة تعرف باسم مدافن النفايات حيث يتم دفنها، وعلى الرغم من أن المدافن تحتوي طبقة واقية في الجزء السفلي لمنع تسرب النفايات إلى الأرض إلا أن بعض المدافن تفتقر إلى تلك الطبقة الواقية وفي بعض الحالات قد لا تكون كافية لمنع التسرب، ولذلك تساهم مدافن النفايات هذه في تسرب الملوثات مثل المواد الكيميائية المنزلية وحمض بطارية السيارة والزيت والمنتجات الطبية وغيرها من الملوثات الضارة إلى المياه الجوفية وبالتالي تلويثها وجعلها غير صالحة للاستخدام.
- الملوثات الجوفية: الدورة الهيدرولوجية هي حركة المياه فوق وتحت وعلى سطح الأرض، وخلال هذه الدورة تختلط المياه مع الملوثات في الجو مثل الغازات الضارة، وعندما تمطر تنتقل هذه الملوثات إلى باطن الأرض وتؤدي إلى تلويث المياه الجوفية.
- أملاح الطرق: تستخدم أملاح الطرق بصورة أساسية في الأماكن التي تشهد تساقطًا كثيفًا للثلوج خلال فصل الشتاء، وأملاح الطرق هذه عبارة عن منتجات كيميائية تستخدم في إذابة الجليد على الطريق، وبمجرد ذوبان الجليد تتدفق المواد الكيميائية مع الجليد المذاب إلى طبقات الأرض مما يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية.
- الأنابيب الأرضية: نتيجةً للتطور ابتكرت العديد من الدول طرقًا جديدة لنقل المنتجات المختلفة باستخدام الأنابيب تحت الأرض، حيث تُنقل المنتجات مثل النفط والمواد الكيميائية الزراعية وغاز الطهي ومياه الشرب بصورة أساسية عبر الأنابيب تحت الأرض، وفي كثير من الحالات تنفجر هذه الأنابيب وتطلق محتوياتها في الأرض وهذه الحوادث غالبًا ما تؤدي إلى تلوث المياه الجوفية.
حركة المياه الجوفية في طبقات الأرض
تعتمد حركة المياه في طبقات المياه الجوفية بصورة أساسية على نفاذية طبقات الأرض حيث إن المواد القابلة للاختراق على شقوق تكون كبيرة وكافية على حد سواء للسماح للمياه بالتنقل بحرية، وفي بعض المواد القابلة للنفاذية قد تتحرك المياه الجوفية عدة أمتار في اليوم، وفي أماكن أخرى يمكن أن تتحرك فقط بضعة سنتيمترات خلال مدة طويلة قد تصل إلى قرن كامل، وهنا تنتقل المياه الجوفية ببطء شديد عبر المواد غير المنفذة نسبيًا مثل الطين والصخر الزيتي.
بعد دخول المياه طبقة المياه الجوفية تتحرك ببطء نحو الأماكن المنخفضة، وينتهي بها المطاف إلى خروجها على هيئة ينابيع، أو قد تتسرب إلى الجداول أو قد تُسحب من الأرض بواسطة الآبار، وقد تُحبس المياه الجوفية بين طبقات من الصخور غير المنفذة مثل الطين أو الصخر الزيتي، وإذا استُغلت هذه الطبقة الجوفية المحصورة بواسطة بئر فسترتفع المياه فوق سطح الخزان بسبب الضغط وربما تتدفق من البئر إلى سطح الأرض، والمياه المحصورة بهذه الطريقة تكون تحت ضغط ارتوازي وتسمى طبقة المياه الجوفية الارتوازية.[4]