القرآن الكريم

القرآن الكريم

كتب المقال بواسطة: خلدون عياصره  أخر تحديث على المقال: 00:00:00, 19 أغسطس 2020



المحتويات


 

مصدر التشريع الأول

تُنظّم العلاقة بين الله عز وجل وبين الإنسان وكذلك بين الخلق فيما بينهم من خلال العقيدة والشريعة الإسلامية التي تستمد رؤيتها من خلال مصدرين أساسين وهما القرآن الكريم والسنة النبوية، والقرآن الكريم (مصدر التشريع الإسلامي الأول) هو كتاب الله تعالى الذي أُنزل على محمد ابن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - بلسان عربي مبين، والمتعبد بلفظه ومعناه، والمنجم في مدة ثلاث وعشرين سنة، حفظة الله تعالى من التبديل والتحريف حيث قال عز وجل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نـزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:9]، ويتضمن القرآن الكريم على ثلاثين جزءاً، وستين حزباً، و(240) ربعاً، و(114) سورة، وعلى نحو (6219) آية، وينقسم من حيث التفصيل والإجمال إلى أربعة أقسام، هي:[1]


- التشريع المجمل، ويشمل غالبية العبادات.

- التشريع الذي يتضمن البيان على نحو ما، كالأحكام التي تتعلق بالدفاع عن النفس، والجهاد والعلاقات الدولية.

- التشريع التفصيلي، ويتضمن على الحدود، والقصاص، وأصول روابط الأسرة، والحلال والحرام والميراث.

- القواعد العامة للاجتهاد والتشريع.

وفي العموم، بُني التشريع على التدرج والتقليل والتيسير من الأحكام.



وجوه إعجاز القرآن الكريم

من الممكن إجمال وجوه الإعجاز في القرآن الكريم في أربعة أوجه، هي:[2]


'الإعجاز البياني'

والمقصود به نظم القرآن المحكم، وهذا يعني أنه لو رُفِعَتْ كلمة من القرآن الكريم، واجتمع جميع بلغاء وفصحاء العرب من أجل وضع كلمة بديلة عنها فلن يستطيع أحد إلى ذلك سبيلاً، وذلك لأن كلمات القرآن فيها من الدقة في المعاني، والجمال في اللفظ، والترابط مع الكلمات الأخرى في الآية ما يُشبه نظم الدرر الذي لا يُعرف أوله من آخره في التناسب والتناسق، ويُعرف الإعجاز البياني كذلك بأنه الأسلوب القرآني المعجز الذي يجمع بين العذوبة، والفخامة، والدقة والسلاسة في التعبير عن المعنى، وقد بلغ الأسلوب القرآني القمة في البلاغة والفصاحة في مختلف المجالات والميادين التي تعرض لها القرآن، وهذه الظاهرة عامة في جميع السور في القرآن الكريم سواء ما نزل في المرحلة المكية أو المرحلة المدنية، فلا اختلاف ولا تباين في الأسلوب القرآني، قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا[النساء:82]، ومن الأمثلة على الإعجاز البياني في الإيجاز قوله عز وجل: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ[القصص:7]، حيث اشتملت الآية الكريمة على نهيين، وأمرين، وخبرين وبشارتين.


'الإعجاز العلمي

والمراد به الإشارات واللفتات التي وردت في القرآن الكريم إلى المخلوقات من أجل إبراز عظمة الله عز وجل ووحدانيته وقدرته عن طريق دقة صنعها، وقد ورد الكثير من الآيات التي تشير إلى حقائق الكون (الفلك)، وإلى الطبيعة (الإنسان، والحيوان، والأنهار، والجبال والنبات) وغير ذلك، وكلما اكتشفت البشرية سننًا وحقائق كونية جديدة، نجد في القرآن الكريم إشارات تدل عليها سبقت العلم إلى ذلك، ولم يتمكن أحد إلى اليوم من إبطال حقيقة من الحقائق التي وردت في القرآن الكريم، وقد تعهد القرآن الكريم أن يظهر جوانب من إعجازه في كل عصر كي يقيم الحجة على كل جيل، وليبين لهم أن القرآن الكريم أُنزل من عند الله تبارك وتعالى، حيث قال عز وجل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ[فصلت:53]، ولأن هذا وعد منسجم مع الرسالة الخاتمة والمستمرة إلى يوم البعث، فلا بد أن تكون معجزتها أيضاً دائمة مستمرة ومتجددة.


إن حقائق الكون التي وردت في القرآن الكريم لن يتمكن أي أحد من البشر أن يحيط بها مهما بلغت مداركه العلمية، فكيف الحال إذا وردت هذه الحقائق على لسان رجل أمي عاش في بيئة أمية، ولذلك فلا مجال للشك أن هذا دليل قاطع على أن القرآن الكريم منزل من الله تعالى: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً[الفرقان:6]، ومن أمثلة القرآن الكريم على الإعجاز العلمي قوله تعالى: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ[القيامة:4]، ففي ذلك إشارة إلى البصمات وتحقيق الشخصية، وكذلك قوله تعالى: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ[الزمر:6]، وهذه إشارة إلى السوائل الثلاثة التي تحيط بالجنين.


'الإعجاز التشريعي'

لقد جاء القرآن العظيم بهدايات من أجل تنظيم علاقة الإنسان مع نفسه ومع غيره ومع الله عز وجل، حيث يتضمن على الهدايات التي تتعلق بالعقائد، والهدايات التي تتعلق بالتشريعات لتنظيم أمور المجتمع، وأيضًا الأخلاق التي تعد ثمرات العقيدة، وقد شُبهت العقيدة الإسلامية في القرآن الكريم بجذور الدوحة الضاربة في الأرض، وشُبّهت التشريعات بجذع الشجرة وأغصانها المتفرعة، وشُبهت الأخلاق الإسلامية والأعمال الصالحة بالثمار التي تحملها، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ[إبراهيم:24-25]، ولم يذكر التاريخ على الإطلاق أن أحد المصلحين أو المفكرين أتى بتشريعات كاملة تُنظم شؤون دولة أو مجتمع ما مهما بلغ من العلم والحكمة، ويُشار إلى أن التاريخ ذكر بعض الشخصيات كالمشرعين اليونانيين والرومان وحكام بابل كحمورابي وغيرهم، ولكنّ تشريعاتهم كانت متأثرة بثقافتهم وببيئتهم المحدودة وهذا أثار الاعتراضات الكثيرة وأثبتت الحوادث فشلها.


جاء في القرآن الكريم تشريعات لجميع مجالات الحياة، وأنشأ مجتمعاً ربانياً تسوده السعادة، والطمأنينة والعزة في أجل مظاهرها، وكلما ازداد تطبيق المسلمون لهذا المنهج الرباني ازدادوا عزاً، وكلما ابتعدوا عنه أصابهم الهوان، والذل والشقاء، وبناءً على هذه الهدايات الشاملة في جميع شؤون الحياة فمن غير الممكن لإنسان أمي أن يأتي بمثل ذلك، وهذا دليل على أن محمداً - صلى الله عليه وسلم -  تلقاه من الله عز وجل، حيث قال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ[النمل:6].


'الإعجاز الغيبي'

ويقصد به ما جاء في القرآن الكريم من الأخبار الغيبية سواء ما كان متعلقاً بالماضي السحيق كبدء خلق الإنسان وخلق السماوات والأرض، أو حال الأمم السابقة مع الأنبياء وما جرى من أحداث لا يستطيع أحد ممن جاء بعدهم من الاطلاع عليها إلا من خلال النقل ولم يكن أحد من بيئة قريش يعلمها، قال عز وجل: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[هود:49]، أو ما كان متعلقًا بأحداث وقعت في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنه لم ييشهدها وأخبر القرآن عنها من أجل أن يعلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ما يجري في غيبته، وخاصة ما كان يحيكه المنافقون واليهود في الخفاء لمحاربة الله ورسوله، قال تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ[المائدة:41].



أحكام القرآن الكريم

لقد أرسل الله تعالى رسله بالبينات كي يقوم الناس بالقسط، قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ[الحديد:25]، وكان القرآن الكريم هو أفضل الكتب المنزلة، فقد أنزله الله تعالى فرقاناً بين الحق والباطل، وتبيانًا وتفصيلاً لكل شيء وشرع فيه ما تقوم به الحياة، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً[الفرقان:1]، وقد جعله الله تعالى تذكرة لمن يخاف وعيده ولمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، قال عز وجل: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ[قّ:45]، وفيه من الأحكام العامة ما يصلح بها أمر الأمة والتي تشمل على أحكام الحدود، والأسرة، والديات، والمواريث وغيرها مما يستقيم به حال الأمة، قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، فجاءت جميع أحكامه متضمنة صلاح الأمة وخيرها، ولا يخفى على أحد كيف كان حال الأمة الإسلامية في زمن الصحابة والتابعين عندما طبقوا شرع الله تعالى، فقد كانوا أصحاب مجد، وعزة، وقوة، واستقرار، وأمن ورخاء، أما حال الأمة اليوم من ضعف، وضياع، وعدم أمن، وعدم استقرار فيرجع إلى ترك أحكام القرآن واتباع النفس والهوى، وهذا أدى إلى فساد النظام، وضياع الأمن، وانتشار السرقة والخمر والزنا وغيرها، ولا يصلح حال هذه الأمه إلا بما صلح به أولها.[3]



علوم ذكرت في القرأن الكريم

تتعدد العلوم المذكورة في القرآن الكريم وتختلف عن بعضها البعض، ومن بين تلك العلوم القرآنية:[4]


- العلم المختص بنزول القرآن الكريم والحالة التي نزلت بها السور. 

- علم التفسير، وهو الذي يهتم بتفسير معاني وآيات القرآن الكريم، ويوجد اليوم العديد من كتب التفسير التي تختص بتوضيح معاني القرآن الكريم للعديد من العلماء والفقهاء، حيث يُفسر القرآن فيها بطريقة مبسطة ومفهومة للجميع.

- علم الرسم والتخطيط والذي يهتم بكلمات القرآن الكريم وطريقة رسمها أو كتابتها بصورة عامة داخل القرآن الكريم.

- علم تلاوة القرآن الكريم هو أيضًا من العلوم التي تخص القرآن الكريم، حيث يوجد اليوم العديد من رجال الدين المهتمين بتلاوة القرآن بطريقة صحيحة.

- علم التأويل، وهو ذلك العلم الذي يختص بالبحث في معاني القرآن الكريم الباطنية وتوضيح المعاني الحقيقية لتلك الكلمات.

- علم الترجمة، وهو من العلوم المختصة بالقرآن الكريم أيضًا، فقد أهتم العديد من العلماء بترجمة القرآن الكريم إلى عدة لغات مختلفة ولكن مع الحفاظ على نفس المعنى، والتأكد من أن جميع المعاني صحيحة من أجل تبليغ القرآن الكريم إلى غير الناطقين باللغة العربية.




  

المراجع

[1]: alukah

[2]: ar.islamway

[3]: quran-radio

[4]: almrsal



عدد المشاهدات 2097


Top

Top