محافظة جرش الأثرية

محافظة جرش الأثرية

كتب المقال بواسطة: خلدون عياصره  أخر تحديث على المقال: 03:36:27, 18 أكتوبر 2020



المحتويات


 

التعريف بمحافظة جرش

تقع جرش على سهل تحيط به غابات جبلية وأحواض خصبة، وتحتل المرتبة الثانية بعد البتراء في قائمة الوجهات المفضلة في الأردن، وتمتاز المدينة بسلسلة متواصلة من الاحتلال البشري يعود تاريخها إلى أكثر من 6500 عام، فقد غزا الجنرال بومبي عام 63 قبل الميلاد مدينة جرش وخضعت للحكم الروماني وكانت واحدة من المدن الرومانية العشر العظيمة في رابطة ديكابوليس، بعدها جاء العصر الذهبي للمدينة تحت الحكم الروماني وفي ذلك الوقت كانت تُعرف باسم جراسا، ويُعترف الآن بالموقع عمومًا بأنه أحد أفضل مدن المقاطعات الرومانية المحفوظة في العالم.


مخبأة لقرون في الرمال - قبل التنقيب عنها وترميمها على مدار السبعين عامًا الماضية - تكشف جرش عن مثال رائع على العمران الروماني الإقليمي الرسمي الكبير الموجود في جميع أنحاء الشرق الأوسط والذي يضم الشوارع المرصوفة، والأعمدة، والمعابد الشاهقة على قمة التلال، والمسارح الجميلة، والساحات العامة الواسعة والحمامات والنوافير وأسوار المدينة المزينة بالأبراج والبوابات.


تحت قشرتها الخارجية اليونانية الرومانية، تحافظ جرش أيضًا على مزيج دقيق من الشرق والغرب، وتعكس هندستها المعمارية ودينها ولغاتها عمليةً تتعايش وتتشابك من خلالها ثقافتان قويتان تتمثلان بالعالم اليوناني الروماني لحوض البحر الأبيض المتوسط ​​وتقاليد الشرق العربي وحاضرًا يمكن العثور على مدينة جرش الحديثة إلى الشرق من الأنقاض، وعلى الرغم من أن القديم والجديد يشتركان في سور المدينة، أدى التخطيط الدقيق والحرص على الحفاظ على التراث إلى أن المدينة نفسها تتطور بعيدًا عن الأنقاض بحيث لا يكون هناك تعدي على المواقع القديمة.[1]



الجغرافيا والتاريخ المبكر لمحافظة جرش

تقع أطلال جرش على ارتفاع 500 متر مما يمنح المدينة مناظر رائعة على المناطق المنخفضة المحيطة بها، وتُحاط المناظر الطبيعية حول المدينة المدمرة بأشجار الزيتون، وأشجار البرقوق، وأشجار التين والقمح والأوكالبتوس، وأشجار الأرز والعديد من الشجيرات الأخرى، ويُذكر أن التلال المحيطة بجرش وفّرت مرعيًا جيدًا للماشية عبر التاريخ.


تشير الاكتشافات إلى إمكانية وجود حامية مقدونية صغيرة في أو بالقرب مما يعرف الآن بمدينة جرش حوالي عام 332 قبل الميلاد، وهناك بعض الدلائل التي تبين إنشاء مستعمرة الإسكندر الأكبر (حكم 336-323 قبل الميلاد) أو الجنرال بيرديكاس (حوالي 355-320 قبل الميلاد) في المنطقة على الرغم من عدم إثبات ذلك من قبل التنقيب الأثري، ومن المحتمل أن يكون تأسيس جرش - كمدينة - كان حوالي 175-164 قبل الميلاد في عهد أنطيوخس الرابع إبيفانيس (175-164 قبل الميلاد) ضمن الإمبراطورية السلوقية، وتشير الدلائل إلى أن جرش خلال هذا الوقت نمت بسرعة حيث تنعمت بالموارد الطبيعية، وكذلك وقفت على صلة التجارة والاتصالات بين دمشق والبتراء، بالإضافة إلى طرق التجارة التي تمتد شمالًا وغربًا نحو موانئ البحر الأبيض المتوسط.


كان الحكم السلوقي لجرش قصيرًا، وبعد وفاة أنطيوخس السابع سيدتس عام 129 قبل الميلاد في معركة ضد البارثيين، وقعت جرش تحت سيطرة سلسلة من الملوك المتعاقبين من أمراء الحرب الذين حكموا المدينة حتى عام 102 قبل الميلاد، وكان المستفيدون الرئيسيون من فراغ السلطة بعد انهيار الإمبراطورية السلوقية هم اليهود الذين سرعان ما أسسوا مملكتهم الخاصة مع القدس كعاصمة لهم تحت حكم سلالة الحشمونئيم (140 قبل الميلاد - 37 قبل الميلاد)، ويُذكر أن مملكة الحشمونئيم بلغت ذروتها تحت حكم الملك المحارب الإسكندر "Jannaeus" (حكم 103-76 قبل الميلاد) الذي حاصر وفتح جرش في مطلع القرن الثاني قبل الميلاد، وامتدت سيطرت مملكة الحشمونئيم على جرش حتى عام 63 قبل الميلاد وكان إرثها الدائم للمدينة هو إنشاء مستعمرة يهودية بالإضافة إلى تسهيل العلاقات التجارية الأقوى بين جرش والمدن الساحلية الخاضعة للسيطرة اليهودية.


في عام 63 قبل الميلاد، ونتيجة لاستيطان بومبي في الشرق أصبحت جرش جزءًا من ديكابوليس، وهي مجموعة من عشر مدن شبه مستقلة تقع في مقاطعة سوريا الرومانية واستمرت من 63 قبل الميلاد حتى 106 م، وقد احتفظت كل من هذه المدن بدرجة من الحرية لكنها اعتمدت على روما للدفاع عنها وكان بعض الأمور من اختصاص المندوب الروماني في سوريا، بعدها هزم الرومان البارثيين في سوريا عام 38 قبل الميلاد ودخلت جرش فترة نفوذ نبطي في القرن الأول الميلادي بسبب ثروة المدن النبطية مثل البتراء في الأردن، ومدائن صالح في المملكة العربية السعودية، وبصرى في سوريا.


'العصر الذهبي الروماني والبيزنطي'

يعود تاريخ "العصر الذهبي" لجرش إلى عهد الإمبراطور الروماني تراجان (98-117 م) الذي ضم مدينة جرش إلى المقاطعة الرومانية الجديدة للجزيرة العربية عام 106 م، ولأن جرش تقع على مقربة من عاصمة المحافظة، بصرى، فقد استفادت من موقعها المتميز على محاور الطرق التجارية، وهنا يُنسب الفضل إلى تراجان نفسه حيث كان المسؤول ولو جزئيًا عن ازدهار جرش ونموها عندما أمر ببناء طرق جديدة بما في ذلك طريق نوفا ترايجانا (طريق تراجان الجديد) الذي يربط بصرى ببوابة البحر الأحمر في مدينة العيون والتي تقع على الخليج.


على الرغم من أن مدينة جرش أصبحت مستعمرة رومانية  - كانت تسمى Aurealia Antoniniana - في عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس أنطونينوس (حكم 121-180 م) إلا أنها لم تنجو تمامًا من متاعب القرن الثالث الميلادي، فقد أدى الضغط الذي مارسه الساسانيون الفارسيون وجبال تدمر إلى انقطاع التجارة وتدفقها بين جرش وحوض البحر الأبيض المتوسط ​​الأوسع، وكذلك داهمت القبائل العربية المنطقة داخل وحول جرش أيضًا مما أعاق النمو الاقتصادي وتشييد مبانٍ جديدة، ولكن وفي عهد الإمبراطور دقلديانوس (حكم 284-305 م) استُعيدت ثروات جرش وهنالك أدلة على أعمال إعادة الإعمار.


ازدهرت جرش أيضًا في ظل حكم الإمبراطورية البيزنطية لكن من غير المعروف متى وصلت المسيحية إلى المدينة، وكانت المدينة تحتوي على 15 كنيسة بحلول عام 600 م تميزت بفسيفساء رائعة تضررت لاحقًا من قبل الجيوش العربية الغازية وكذلك الزلازل في المنطقة، وفي جرش يُشار إلى كنيسة كاتدرائية بأنها الأقدم حيث يعود تاريخها إلى أواخر القرن الرابع الميلادي، وفي المقابل يرجع تاريخ أحدث نقش مسيحي عُثر عليه إلى عام 611 م ويقع في كنيسة الأسقف جينيسيوس.


استمرت الآثار العامة في تشييدها عندما كانت جرش تحت الحكم البيزنطي وكان أبرزها حمامات "Flaccus" والتي شيدت في عام 454-455 م وأُعيد تجديدها عام 584 م، وفي عهد الإمبراطور جستنيان (حكم من 527-565 م) استمرت المدينة بالازدهار، ومن المعروف أن ميدان سباق الخيل في جرش ظل قيد الاستخدام ولكنّ الهياكل الأثرية الأخرى تحولت تدريجيًا لأغراض التخزين أو استخدامها كإسطبلات، ومع ذلك بنى البيزنطيون مسرحًا خاصًا وحوض سباحة قرابة عام 535 ميلادي.


'تاريخ لاحق وعلم الآثار'

استولى الساسانيون الفارسيون على جرش واحتلوها بين 614-630 م، وضعفت جرش في الوقت الذي وصلت فيه جيوش العرب عام 636 ميلادي حتى استسلمت، وعلى الرغم من أن جرش عاشت في ظل الخلافة الأموية (661-750 م) إلا أنها كانت أصغر بكثير وأكثر تواضعًا مما كانت عليه حيث انتقل أصحاب رؤوس الأمول في جرش إلى دمشق مقر الحكومة الأموية، وعانت المدينة بشدة من رحيلهم.


مع تجاوز طرق التجارة الجديدة المنطقة المحيطة بجرش بالكامل دخلت المدينة في فترة تدهور حاد، وخلال الخلافة العباسية (750-1258 م) نُقلت العاصمة من دمشق إلى بغداد في 750 م وتعرضت جرش لضربة أخرى حيث أُبعدت عن مركز الحكم الجديد، ولم يقتصر الضرر على الجانب البشري، فقد كان للطبيعة بصمة دمار من خلال سلسلة من الزلازل ضربت المدينة جعلتها غير صالحة للسكن على مدى القرنين الأولين من أوائل العصور الوسطى، وفي الوقت الذي زار فيه مؤرخ القرون الوسطى والأسقف ويليام (1130-1186 م) جرش كتب أن المدينة كانت مهجورة منذ فترة طويلة وهي في حالة خراب.


لا تزال بقايا جرش الأثرية محفوظة جيدًا على الرغم من ويلات الزمن، حيث كان هنالك حفريات متكررة في المدينة منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، ولا يزال يوجد الكثير الذي يتعين التنقيب عنه واكتشافه وهذا يعطي جرش أهمية كبيرة وعناية خاصة في فهمها وتقديرها بصورة أفضل.[2]



أبرز المعالم الأثرية في جرش

فيما يلي بعض من أفضل الآثار التي يمكن رؤيتها في جرش:[3]


- قوس هادريان:

يمثل قوس هادريان مدخل المدينة، وقد بُني لإحياء ذكرى زيارة الإمبراطور هادريان لجرش عام 129 ميلادي.


- مسرح الأرينا:

يمكن أن يتسع هذا المسرح لحوالي 15000 متفرج خلال المسابقات الرياضية أو معارك المصارعين.


- ساحة الندوة:

وهي ساحة بيضاوية الشكل محاطة بالأعمدة، وتتسم بتصميمها المعماري الروماني، وقد كانت في السابق مكانًا تجمع الزوار ومكانًا للأنشطة والسوق الرئيسي للمدينة.


- شارع الأعمدة:

وهو شارع محاط بالأعمدة يوجد تحته نظام صرف صحي معقد.


- Nymphaeum:

عبارة عن نافورة مزينة بزخارف غنية ومصنوعة من الرخام والجبص مع نصف قبة.


- كاتدرائية:

عبارة عن معبد قديم مخصص لديونيسوس تحول إلى كنيسة بيزنطية في القرن الرابع وسمي اليوم "الكاتدرائية"، وفي الجزء العلوي من الدرج يوجد أيضًا ضريح مخصص للقديسة ماري.


- المسرح الشمالي:

يتكون هذا المسرح الروماني الرائع، أحد معالم جرش الرئيسية، من مربع تحيط به أعمدة حيث كان درجًا سابقًا يؤدي إلى المدخل، ثم استخدام المسرح للاجتماعات العامة والفعاليات الكبرى والعروض المسرحية، ويُذكر أنه أُهمل في القرن الخامس واستخدمت بعض أحجاره لبناء المباني المجاورة.


- المسرح الجنوبي:

كان المسرح الجنوبي مكونًا من طابقين - والذي لا يزال يستخدم حتى اليوم للاحتفالات والمناسبات، بفضل الصوتيات الممتازة التي يتمتع بها - والعديد من الممرات المخفية المؤدية.


- متحف جرش الأثري:

بالقرب من الموقع الأثري يوجد أيضًا متحف أثري يعرض نتائج من المناطق المجاورة من العصر النيولتي إلى العصر المملوكي، وفي المتحف يمكن الاستمتاع بالمزهريات والأعمال الزجاجية والتماثيل والفسيفساء.



أبرز الأنشطة السياحية في جرش

جرش مزيج رائع من التأثيرات اليونانية الرومانية والشرقية، وهي مكان مميز للزيارة خلال فصل الربيع مع تلالها المتدحرجة الجميلة والمساحات الخضراء المورقة، وتتمتع جرش بإيقاع لا مثيل له في أي مكان آخر في الأردن من الطبيعة الخضراء والمعالم الأثرية والخدمات العامة، وتستضيف جرش كذلك كل عام مهرجان للثقافة والفنون، وهو برنامج صيفي مدته ثلاثة أسابيع مليء بالرقص الشعبي والموسيقى والعروض المسرحية:[4]


- محمية المأوى للطبيعة والحياة البرية: وهي أول محمية من نوعها في الشرق الأوسط تركز على تعزيز الحفاظ على الحياة البرية، واستعادة حياة الحيوانات المنقرضة في المنطقة وتوفير المأوى للحيوانات التي تحتاج إلى رعاية.

* معلومات الاتصال / كيفية الحجز:

** الموقع الإلكتروني: https://www.almawajordan.org/

** الموقع: 


- RANGERS CAMP FOR ADVENTURE: وهو مكان يوفر الرياضة والمغامرة، وذلك من خلال جدار التسلق وبرج البرق وحقل الألعاب المنخفض، ويمكن الاستمتاع بالريف الشمالي الجميل أثناء ممارسة التمارين الرياضية.

* معلومات الاتصال / كيفية الحجز: 

** هاتف: 009627 9557 5000

** الموقع: 


- محمية غابات دبين: تعد محمية دبين الطبيعية واحة من الهدوء، وهي موقع رائع للتنزه أو مجرد الجلوس ومشاهدة الحياة البرية، وهي موطن لـ 17 نوعًا من الأنواع المهددة بالانقراض.

* معلومات الاتصال / كيفية الحجز:

** هاتف: 00962 6 5350456

** الموقع: 




  

المراجع

[1]: memphistours

[2]: ancient

[3]: vivitravels

[4]: international



عدد المشاهدات 2570


Top

Top