مقدمة عن السياحة في الصين
تطورت السياحة في الصين بسرعة خلال العقود القليلة الماضية بعد تنفيذ سياسة الانفتاح في عام 1978، وقد جعلت الهندسة المعمارية القديمة المجيدة والمناظر الطبيعية الرائعة والشعب الصيني المضياف صناعة السياحة تزدهر في العقود القليلة الماضية، بالإضافة إلى تخفيف القيود المفروضة على الحركة من قبل السلطات الصينية على السفر، وبذلك شهد النقل المحلي والدولي تحسنًا كبيرًا حيث سهل على السياح السفر إلى الصين.
أصبحت الصين واحدة من أكثر الدول شهرة في الجانب السياحي، وفي الصين يوجد 1349 وكالة سفر دولية، 248 منها في بكين وشانغهاي وتيانجين وتشونغتشينغ، وفي الوقت الحاضر، إلى جانب تلك الأماكن السياحية الكلاسيكية مثل بكين وشانغهاي وشيان وقويلين وهونغ كونغ والتبت وشينجيانغ، تطورت العديد من المناطق الأخرى مثل تشينغداو وهاربين ونانينغ وغيرها بصورة تدريجية إلى وجهات سياحية مزدهرة في السنوات الأخيرة.[1]
أبرز معالم السياحة في الصين
تضم الصين الكثير من مناطق الجذب السياحي المذهلة، من المدن القديمة إلى الغابات إلى المعابد إلى حقول الأرز التي تبدو وكأنها قد صممها فنانون، إلى الجبال المقدسة والشلالات المذهلة، وبسبب هذا التنوع ساهمت الرغبة في الاستكشاف خارج المسار المألوف في جعل عدد السياح الصينيين يفوق عدد السياح الأجانب، وهنا نذكر مجموعة من الأماكن الأكثر شهرة والمعالم الأكثر جمالًا في الصين، وهي:[2]
- سور الصين العظيم: يعد سور الصين العظيم أحد أعظم الأعمال الهندسية وأطول متحف في الهواء الطلق، ويمتد من مقاطعة قانسو في الغرب إلى شانهاقوان على بحر بوهاي في الشرق، وقد بُني وأُعيد بناؤه وصيانته بين القرن الخامس قبل الميلاد والقرن السادس عشر لحماية الحدود الشمالية للإمبراطورية الصينية من هجمات القبائل البدوية من الشمال، ومعظم الناس يزورون السور العظيم في مكان ما في منطقة بكين حيث يسهل الوصول إليه وحيث يظهر بصورة مثيرة للإعجاب فوق قمم الجبال، ويُذكر أن سور الصين العظيم يحتل المركز الأول من حيث الجذب السياحي في الصين.
- قصر بوتالا: يرمز قصر بوتالا في لاسا إلى البوذية التبتية ودورها المركزي في الإدارة التقليدية للتبت، ويضم هذا القصر أكثر من 1000 غرفة، وهو رمز يدل على طريقة معيشة الدالاي لاما - القائد الديني الأعلى للبوذيين التبتيين - وظل مقر إقامة للتبت حتى فر الدالاي لاما الرابع عشر إلى الهند بعد الغزو الصيني في عام 1959، كما يضم القصر كميات كبيرة من الآثار الثقافية النادرة بما في ذلك الكتب البوذية المكتوبة بخط اليد والذهب والهدايا من الأباطرة الصينيين، وفي وصفٍ للقصر يبلغ ارتفاعه 14 طابقًا، ولذلك على زوار بوتالا تسلق الكثير من السلالم لأعلى ولأسفل لاستكشافه وللاستمتاع بالتحف الموجودة فيه.
- المدينة المحرمة: بُنيت المدينة المحرمة في أوائل القرن الخامس عشر، وكانت بمثابة موطن للأباطرة في سلالتي مينغ وتشينغ حتى تنازل بويي آخر إمبراطور للصين في عام 1912، وهي مجمع محاط بأسوار وخندق مائي هو الأكبر في العالم، وتقول الأسطورة أن مبانيها البالغ عددها 980 تحتوي على 9999 غرفة على الرغم من أن العدد الفعلي أقل بنحو ألف غرفة، وهذه المدينة بلا جدال واحدة من أكثر مناطق الجذب السياحي شهرة في بكين.
- ميناء فيكتوريا: هو واحد من أعمق موانئ الحاويات في العالم، وأجمل الأماكن التي توفر مناظر خلابة لناطحات السحاب في جزيرة هونغ كونغ من جهة وشاطئ "Tsim Sha Tsui" من جهة أخرى، وهو أيضًا واحد من أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم حيث تتنقل المئات من العبّارات والسفن والقوارب السريعة صعودًا وهبوطًا على الشاطئ، وكل ليلة تضيء العديد من ناطحات السحاب على جانبي ميناء فيكتوريا في عرض متزامن يُعرف بأنه أحد أكبر مهرجانات الضوء والصوت الدائم في العالم، ويُذكر أن واحدة من أفضل الطرق لرؤية الميناء تكون من خلال رحلة على "Star Ferry".
- جيش الطين: هذا الجيش الجبار من محاربي وخيول التراكوتا الموجود في ثلاثة أقبية هو أحد أشهر الاكتشافات الأثرية في العالم، وهو أكثر مناطق الجذب السياحي شهرة في مدينة شيان وواحد من أكثر الأماكن شهرة في جميع أنحاء الصين، ويضم هذا الجيش 130 عربة أو نحو ذلك و8000 محارب من الطين النابض بالحياة يقفون بصمت في حداد على روح أول موحد في الصين لأكثر من ألفي عام، وعلى الرغم من أن الأسلحة قد سُرقت وتلاشى اللون كثيرًا عما كان عليه إلا أن تصميمه وحقيقة عدم وجود وجهين متشابهين يمثلان شهادة على مقدار العمل والمهارة التي ينطوي عليها العمل الفني.
- جبل هوانغ: يعد جبل هوانغ "Mount Huang" أحد الوجهات السياحية الرئيسية في الصين، وهو عبارة عن سلسلة جبال في شرق الصين تُعرف أيضًا باسم "Huangshan" أو (الجبل الأصفر)، وتشتهر المنطقة بمناظرها الطبيعية وغروبها وقمم الجرانيت ذات الشكل الغريب وإطلالات على السحب من الأعلى حيث تطفو العديد من القمم على السحب ولها أسماء خيالية مثل "18 Arhats Worshiping the South Sea" و"Lotus Flower Peak" و"Celestial Capital" و"Paint Brush"، ويمتاز الجبل كذلك بوجود نحت لما يقرب من 60.000 درجة حجرية في جانب سلسلة الجبال، واليوم بات من الممكن اكتشاف الجبل من خلال عربات التلفريك التي تنقل السياح مباشرة من القاعدة إلى أحد القمم.
- أسوار مدينة شيان: قبل مئات السنين بنى الصينيون أسوارًا حجرية ضخمة حول مدنهم للدفاع عنها من الغزاة منها سور مدينة شيان، ولا يزال سور هذه المدينة قائماً حتى يومنا هذا ويُعد من أكثر الأسوار المحفوظة في الصين، ومن الناحية المعمارية يبلغ ارتفاع السور 12 مترًا (40 قدمًا) وعرضه حوالي 15 مترًا (50 قدمًا) في الأسفل، ويتناقص إلى 12 مترًا (40 قدمًا) في الأعلى، والمشي على هذا السور أمر شائع لزوار هذه العاصمة القديمة للصين.
- الأبراج الثلاثة: تقع الأبراج الثلاثة أو "The Three Pagodas" على بعد حوالي ميل شمال غرب مدينة دالي القديمة في جنوب الصين، وهو أحد أفضل الهياكل البوذية المحفوظة في الصين بعد أن عانى من العديد من الكوارث الطبيعية من صنع الإنسان.
البرج الأوسط الذي بناه الملك كوان فينجيو خلال الفترة 824-840 بعد الميلاد يبلغ ارتفاعه 69.6 مترًا (227 قدمًا) وهو واحد من أطول الأبراج في الصين، أما البرجان الآخران فقد بُنيا بعد حوالي قرن من الزمان.
- حديقة تشانغجياجيه الوطنية للغابات(Zhangjiajie National Forest Park): تأسست هذه الحديقة في عام 1982، وهي أول حديقة غابات وطنية في الصين وهي جزء من مناطق "Wulingyuan" ذات المناظر الخلابة، وبفضل تياراتها الصافية وقممها الغريبة والحياة البرية والنباتات شبه الاستوائية الوفيرة تعد الحديقة نقطة جذب للزوار على مدار العام، وتشمل مناطق الجذب الرئيسية "Golden Whip Stream" حيث يمكن للزوار رؤية الأسماك تسبح في المياه الصافية.
- غابة شيرين ستون: غابة الحجر، أو شيرين بالصينية، هي مجموعة من التكوينات الكارستية في جنوب غرب الصين، وفيها تبرز الحجارة من الأرض على غرار الصواعد في الكهف، ويُعتقد أن هذه الأحجار يبلغ عمرها 270 مليون سنة، ويُذكر أن المنطقة كانت عبارة عن قاع محيط وبعدها خلق تدفق المياه القمم المهيبة، وفي كل عام تستقبل الغابة الحجرية أكثر من مليوني زائر يأتون للاستمتاع بمناظرها الفريدة.
- مدينة ليجيانغ القديمة: تعد مدينة ليجيانغ القديمة - التي يبلغ عمرها 800 عام والتي تنتمي إلى ثقافة أقلية الناكسي - واحدة من أفضل مناطق الجذب السياحي في مقاطعة يوننان حيث تجذب الزوار الذين يرغبون في تجربة الحياة في منطقة الأقليات، وفيها كان قوبلاي خان أول إمبراطور لها، وتمتاز المدينة بوجود ما يقرب من 350 جسرًا تعبر القنوات المتعرجة عبر المدينة، ومن خلالها يمكن مشاهدة فن العمارة الناكسي الملون والسكان الذين يرتدون الأزياء المحلية.
- جبال ودانغ: تقع جبال وادنغ في شمال غرب مقاطعة هوبى، وإلى جانب كونها ذات مناظر خلابة، فإن هذه الجبال هي أكثر سلسلة جبلية طاوية مقدسة في الصين، حيث تضم مجمعات المعابد بما في ذلك معبد نانيان الفخم الذي يعد أروع 36 معبدًا في ودانغشان وهو مبني من الصخور الموجود في الجرف خلفه.
أثر السياحة على الاقتصاد الصيني
بلغ إجمالي إيرادات صناعة السفر والسياحة الصينية 3.94 تريليون يوان في عام 2016 بزيادة 15.2% مقارنة بالعام السابق، وساهمت الصناعة بنسبة 2.1% في الناتج المحلي الإجمالي للصين ووفرت حوالي 22.5 مليون وظيفة، وفي حال أخذ العمالة غير المباشرة في الاعتبار سيكون تأثير السياحة على سوق العمل في الصين أكبر، واعتبارًا من عام 2015 كان حوالي 65 مليون شخص يعملون بصورة غير مباشرة في قطاع السياحة.
أصبحت السياحة مساهمًا هامًا في الاقتصاد المحلي في الصين منذ بداية الإصلاح والانفتاح في أوائل الثمانينيات، وقد كان ظهور طبقة وسطى ثرية بالإضافة إلى تخفيف القيود المفروضة على حركة السكان المحليين والزوار الأجانب عاملان أساسيان في دعم ازدهار السفر والسياحة، وفي تحول سوق السياحة الصيني إلى أحد أسواق السياحة الداخلية والخارجية الأكثر مشاهدة في العالم، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد الرحلات الداخلية في الصين سيرتفع إلى حوالي 2.38 مليار رحلة بحلول عام 2020 مما يشير إلى زيادة تزيد عن 50% مقارنة بعدد الرحلات التي كانت داخل الصين قبل عشر سنوات.
تفتخر الصين بعدد كبير من عوامل الجذب مثل المواقع التاريخية والآثار والمناطق الاقتصادية الساخنة وعدد متنوع ثقافيًا من الأقليات، لذلك أصبحت الدولة واحدة من أكثر وجهات السفر شعبية للعديد من البلدان مثل تايلاند واليابان وكوريا الجنوبية وجزر المالديف وروسيا والمملكة المتحدة، وقد بلغت عائدات السياحة الوافدة إلى الصين 114 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2015، ومن حيث عدد الزوار الدوليين الوافدين إلى الصين بلغت الإحصائيات حوالي 134 مليون زائر في عام 2015 منهم 26 مليون فقط من الخارج، في حين جاء معظمهم من هونغ كونغ وماكاو، وفي نفس العام بلغ عدد السياح الدوليين الذين يقضون ليلة واحدة في مقاطعة قوانغدونغ إلى 34.5 مليون، وبذلك كانت عدد زائري قوانغدونغ أكثر بكثير من أي مقاطعة أو منطقة أخرى في الصين، وفي المقابل كانت نينغشيا وقانسو وتشينغهاي أقل المناطق زيارة في الصين من قبل الزوار الدوليين في السنوات القليلة الماضية.
بالنسبة للسياحة الخارجية، بلغ إنفاق المسافرين الصينيين إلى الخارج حوالي 292 مليار دولار أمريكي، وكانت جهة السفر الأكثر شعبية للشباب المسافرين هي أوروبا بنسبة 61%، تليها اليابان وكوريا الجنوبية، أما وجهات السفر الدولية الرائدة في السوق الشامل في الصين فهي كندا وسنغافورة وأستراليا واليابان والولايات المتحدة، ويُذكر أن الاقتصاد الصيني المتنامي يولد أيضًا طفرة في سفر الأعمال، فمنذ مايو 2015 كانت الأغراض الرئيسية لسفر العمل بين الشركات الصينية هي الاجتماعات والدورات التدريبية وأنواع مختلفة من المؤتمرات والمعارض بما في ذلك أعمال المشروع وعروض منتجات المبيعات.[3]
المناخ في الصين
الصين بلد ضخم ولديه تنوع كبير في المناخ، وفي العموم يكون الشتاء قارس البرودة في الشمال في الجبال والهضاب بينما يكون معتدلا في الجنوب، أما الصيف فيكون حارًا في كل مكان ما عدا المرتفعات والجبال العالية، وفي حال استثناء المناطق الصحراوية الغربية الشاسعة حيث يكون هطول الأمطار شحيحًا وغير منتظم، فإن الصيف هو أكثر مواسم الأمطار، والجزء الأكثر أمطارًا في البلاد هو الجنوب الشرقي بينما أقلها هو الشمال الغربي.
يتميز الجزء الشمالي الشرقي من الصين، المسمى منشوريا، بمناخ قاري ملحوظ مع فصول شتاء باردة وجافة وصيف حار ممطر، وتجلب الرياح الموسمية الشتوية كتل هوائية باردة من سيبيريا القريبة، بينما تجلب الرياح الموسمية الصيفية كتل هوائية دافئة ورطبة من الجنوب، وفي الواقع يعد الصيف - من يونيو إلى أغسطس - هو الموسم الوحيد الذي تسقط فيه أمطار غزيرة، وتتكرر الأمطار أيضًا في مايو وسبتمبر وإن لم تكن غزيرة، ومن المؤكد أن هطول الأمطار أو بالأحرى تساقط الثلوج بالنظر إلى درجات الحرارة نادر في موسم البرد الطويل، أما الشتاء في هذه المنطقة فهو شديد البرودة، حيث أن متوسط درجة الحرارة لشهر يناير تصل إلى أقل من (-10) درجة مئوية (14 درجة فهرنهايت)، وحتى أقل من (-20) درجة مئوية (-4 درجة فهرنهايت) في الجزء الشمالي.[4]