تعريف الحزن
يعد الحزن أحد المشاعر الإنسانية الأساسية وهو استجابة طبيعية للحالات التي تنطوي على الألم النفسي والعاطفي والبدني، وغالبًا ما تتلاشى مشاعر الحزن بسرعة مع تلاشي الأمور المسببة له، والحزن يؤثر على الجميع في مرحلة ما، ويمكن تمييز الشخص الحزين على المستويين السلوكي والفسيولوجي حيث ينتج عن الحزن بعض السلوكيات مثل البكاء، والعزلة الاجتماعية المؤقتة التي تعد سمة أساسية من سمات الحزن، وفيما يخص الجانب الفسيولوجي من الممكن أن يؤدي الشعور بالحزن إلى ردود فعل محددة يمكن ملاحظتها في الدماغ والجهاز العصبي المحيطي.
على الرغم من أن الحزن يرتبط غالبًا بظروف قاسية إلا أنه لا يُنظر إليه دائمًا بصورة سلبية، ويتجلى ذلك في استمتاع الكثير من الناس بمشاهدة الأفلام الحزينة أو في الاستماع إلى الموسيقى الحزينة رغبةً في البكاء الذي يمكن أن يكون مهدئًا عاطفيًا، وفي حين أن الحزن يمكن أن يؤدي إلى العزلة أو إلى فقدان الاهتمام ببعض الأنشطة إلا أنه قد يؤدي أيضًا إلى تحفيز سلوكيات البحث عن المتعة، وفي الواقع يمكن تعزيز سمات الشخصية الإيجابية مثل اليقظة والتفكير والمرونة من خلال التجارب المحزنة.[1]
أقوال في الحزن
من خلال التالي نستعرض مجموعة من الاقتباسات القديمة والملهمة والحكيمة للحزن، وتشمل بعض الأقوال والأمثال المرتبطة به والتي جمعت على مر السنين من مجموعة متنوعة من المصادر على:[2]
- "ينتج الحزن عادة عندما لا ينجح الرجل أو عندما يخجل من نجاحه" [سينيكا].
- "الحزن ليس سوى جدار بين حديقتين" [خليل جبران].
- "الحزن لا يكمن في الأشياء، إنه لا يصل إلينا من العالم ومن خلال مجرد التأمل في العالم، إنه نتاج فكرنا الخاص" [إميل دوركهايم].
- "الحزن هو رد فعل طبيعي على الصحوة لنرى كيف هي الأمور، لكن يمكن أن نضيع في أحزاننا، أو نقرر استخدام هذه الصحوة لإلهامنا للعمل على تغيير الأمور بالطريقة التي نتمنى أن تكون عليها" [روبرت آلان سيلفرشتاين].
- "الحزن ليس أكثر من غياب الفرح بنفس الطريقة التي لا يكون فيها الظلام سوى غياب النور" [جوناثان لوكوود هوي].
- "ستفقد كلمة السعادة معناها إذا لم تكن متوازنة بالحزن"[كارل غوستاف يونج].
- "الفكاهة الجيدة هي صحة الروح، والحزن هو السم" [اللورد تشيسترفيلد].
- "لا يمكنك منع طيور الحزن من المرور فوق رأسك، ولكن يمكنك منع تكوين عش في شعرك" [الأمثال الصينية].
- "الحزن يعطي العمق، والسعادة تعطي الطول، الحزن يعطي الجذور، والسعادة تعطي الفروع، والسعادة هي مثل الشجرة التي تدخل السماء، والحزن يشبه الجذور التي تسقط في رحم الأرض وكلاهما مطلوبان، وكلما كانت الشجرة أعلى، كانت أعمق في نفس الوقت" [أوشو].
- "قد يكون الحزن جزءًا من الحياة، ولكن ليست هناك حاجة للسماح له بالسيطرة على حياتك بأكملها" [بايرون بولسيفر].
- "أفضل شيء لكونك حزينًا هو أن تتعلم شيئًا ما" [ثيودور وايت].
- "أعتقد أنه إذا لم تكن قد تعلمت عن الحز فلا يمكنك تقدير السعادة" [نانا موسوري].
- "لم يتمكن أي مجتمع من القضاء على الحزن الإنساني، ولا يمكن لأي نظام سياسي أن ينقذنا من آلام الحياة، من خوفنا من الموت، وتعطشنا للمطلق، إن الحالة الإنسانية هي التي توجه الحالة الاجتماعية، وليس العكس" [يوجين يونيسكو].
تأثير الحزن على النفس
الحزن غالبًا ما يستجيب لحدث معين، وهو عاطفة إنسانية يمكن أن تتلاشى وهذا لا يعني أن الحزن ليس مؤلمًا بل إنه خطير وقد ينتج عنه مجموعة من الآثار منها:[3]
- الانتحار وإيذاء النفس: عندما يشعر الإنسان بالحزن قد تتولد لديه أفكار عابرة خطيرة وهذا أمر طبيعي لأنه يريد أن يزول ألم الحزن، ولكن من غير الطبيعي أن تتداخل هذه الأفكار مع الحياة أكثر من اللازم فقد يتسبب الوصول لدرجة عالية من الحزن إلى التفكير بإيذاء النفس أو الانتحار.
- النقد الذاتي: إن الشعور بالحزن من الممكن أن يؤدي إلى انتقاد الشخص لذاته، وهذا قد يتطور إلى الشعور بالغضب وربما يصل إلى الشعور بالإحباط وعدم الثقة بالنفس مما يؤدي إلى إضعاف الشخصية وعدم المقدرة على اتخاذ القرارات.
- التأثير على النوم والغذاء: على الرغم من أن الحزن قد لا يؤثر على أنماط الأكل عند الإنسان إلا أنه يتسبب بفقدان الشهية لبعض الوقت، ويمكن أن يتسبب بتغيير كمية الطعام والشراب بصورة كبيرة وهذا سينعكس سلبًا على الصحة العامة للجسم، وكذلك يمكن أن يٍُساهم الحزن بالتأثير على نوعية وعدد ساعات النوم مما يؤدي إلى الشعور بالكسل وعدم الرغبة بفعل شيء.
- اضطراب في الأنشطة الحياتية: يؤثر الحزن على أداء المهام الأساسية اليومية حيث يُكافح الشخص الحزين من أجل الذهاب إلى العمل، والخروج ورؤية الأصدقاء والعائلة، ويطغى عليه شعور العزلة وعدم الرغبة برؤية أحد.
أسباب الحزن
غالباً ما يقال أن الشعور بالحزن والاكتئاب ينتج عن خلل كيميائي ولكن هذا لا يعكس مدى تعقيد وخطورة المرض، فقد أشارت الأبحاث إلى أن الحزن والاكتئاب لا ينبع من مجرد وجود الكثير من المواد الكيميائية في المخ أو القليل منها، وبدلاً من ذلك أشارت الأبحاث إلى وجود العديد من الأسباب المحتملة للحزن والاكتئاب بما في ذلك التنظيم الخاطئ للمزاج من قبل المخ، والضعف الوراثي، وأحداث الحياة المجهدة، والأدوية والمشاكل الطبية، ويُعتقد أن العديد من هذه الأسباب تتفاعل معًا مسببة الشعور بالحزن.
لقد تعلّم الباحثون الكثير عن بيولوجيا الحزن والاكتئاب ولكنهم لا يزالون يواصلون جهودهم من أجل تحديد الجينات التي تجعل الأفراد أكثر عرضة لتدهور الحالة المزاجية مما يُساعد في تحديد كيفية استجابة الفرد للعلاج الدوائي، وبينما يعرف الباحثون الآن أكثر من أي وقت مضى طريقة تنظيم المخ للحالة المزاجية إلا أن فهمهم لبيولوجيا الحزن والاكتئاب لا يزال بعيدًا عن الاكتمال، وفيما يلي نظرة عامة على الفهم الحالي للعوامل الرئيسة التي يعتقد أنها تلعب دورًا في التسبب بالحزن والاكتئاب، وهي:[4]
- تأثير الدماغ: يُعرف بين الناس أن العواطف تكمن في القلب ولكن في الحقيقية يعد الدماغ هو مقر الإحساس والمشاعر، فقد تبيّن أن بعض مناطق الدماغ تساعد في تنظيم الحالة المزاجية للإنسان، ويعتقد الباحثون أن توصيلات ونمو الخلايا العصبية وأداء الدوائر العصبية لها تأثير كبير على الشعور بالحزن والاكتئاب أكثر بكثير من تأثير مستويات المواد الكيميائية المحددة في المخ، ومع ذلك لا يزال فهم الأسس العصبية للمزاج غير مكتمل.
- تأثير الجينات: يكون التحكم في كل جزء من الجسم بما في ذلك العقل بواسطة الجينات، والجينات هي التي تصنع البروتينات اللازمة في العمليات البيولوجية، ولكن في حال حدوث أخطاء في تصنيع البروتينات بسبب عامل وراثي أو بسبب مرض طبي فمن الممكن أن يُؤثر هذا على استقرار المزاج، وهنا يكون الشخص عرضة للإصابة بالحزن والاكتئاب، ويُشار إلى أن المزاج يتأثر بعشرات الجينات، وبما أن الجينات الوراثية تختلف من شخص لآخر فإنه يصعب التحكم بهذا التأثير، ولا يزال الأمل موجودًا في أن يتمكن الباحثون من تحديد الجينات المرتبطة باضطرابات المزاج وفهم وظائفها بطريقة أفضل من أجل أن يصبح علاج الحزن والاكتئاب أكثر نجاحًا وفاعلية.