الأخلاق الإسلامية

الأخلاق الإسلامية

كتب المقال بواسطة: خلدون عياصره  أخر تحديث على المقال: 00:00:00, 19 أغسطس 2020



المحتويات


 

تعريف الخلق

الخُلق هو سلوك يكتسبه الإنسان من البيئة التي يسكن فيها، وقد يكون مكتسبًا أو يصنعهُ الشخص من تلقاءِ نفسه من خلال ما يتعلّمه أو عن طريق اتباع ما أمر به دينه، والخلق أمر جميل يفتقده العديد من الناس، والأخلاق كثيرة يندرج تحتها أخلاق التّعامل، والرفق، والعمل، وأسلوب الكلام والحوار، ويُشار إلى أن الخلق صفة عظيمة يمكن للإنسان أن يصنعها بنفسه وأن يفتخر بها أمام النّاس، فقد مَدَحَ الله تعالى رسوله محمد - عليه الصلاة والسلام - في القرآن الكريم بالخلق الحسن، حيث قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم:4]، فقد كان سيّد العالمين أفضل وأحسن النّاس تعاملًا وأحسنهم خُلقاً، ولو أراد أحد التكلّم عن أخلاق سيّد الثقلين لن يستطيع إلى ذلك سبيلًا.[1]



أقسام الأخلاق

من الممكن تقسّيم الأخلاق من حيث أصلها ومصدرها إلى قسمين، أولهما أخلاق غريزية جِبِليَّة أي أن الإنسان فُطِر عليها وأوجدها الله تعالى فيه، والدليل على هذا حديث أشج عبدالقيس، الذي قال له الرسول - عليه الصلاة والسلام -: (إن فيك خَلَّتين يحبهما الله: الحِلَم، والأناة، قال: يا رسول الله، أنا أتخلَّق بهما، أم الله جبَلني عليهما؟ قال: بل جبَلك الله عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني على خَلَّتين يحبهما الله ورسوله)[أبي سعيد الخدري:إسناده صحيح]، والقسم الثاني هو الأخلاق المكتسبة والتي من الممكن تحصيلها عن طريق التعلم والممارسة، والدليل على هذا قول الرسول -عليه الصلاة والسلام -: (إنما العلمُ بالتَّعلُّمِ، وإنما الحِلمُ بالتَّحلُّمِ، ومن يتحرَّ الخيرَ يُعطَهْ، ومن يتَّقِ الشرَّ يُوَقَّه)[أبو الدرداء وأبو هريرة:إسناده حسن]، ويُشار إلى أنه عند الحديث عن الأخلاق في الحرب في السيرة النبوية يُعتنى بالقِسمين حتى وإن كانت أغلب العناية للقِسم الثاني، حيث إنه يجب الاهتمام بتلك المُثُل والقِيم الحميدة التي أمر الإسلامُ بها في الكتاب والسنة، وامتثلها نبي الله - عليه الصلاة والسلام - وذلك اتباعًا لشِرْعة الله تعالى ودِينه، وتربية وتعليمًا لجيل الصحابة والأجيال التي بعدهم، ومن الواجب معرفة أن تلك الخلال الحميدة والقيم السامية جاءت من أجل صقل ما رُكِّز في الفطرة المستقيمة والنفس الطاهرة، والجِبِلَّة الراقية من خِصال الكمال، وسجايا الكرام وخلال الجلال، مثل وابلٍ أصاب جنةً برَبوة فآتت أُكلها ضِعْفين، وهذا الفضل من الله تعالى يؤتيه من يشاء.


من خلال استقراء نصوص الوحي، والنظر في واقع وممارسات النَّفْس البشرية وسَبْر الأدلَّة الشريعة، من الممكن تقسيم الأخلاق الإسلامية اعتبارًا لمَن تُمارَس معه إلى ثلاثة أقسام رئيسة:[2]


'الخُلُق مع الله تعالى'

 ويُقصد به الأسس والقواعد التي تَحكُم العلاقة بين العبد وربه وما يتفرَّع عنها من ممارسات وآداب باطنه وظاهرة، وهذا القسم هو الأساس حيث يُمكِن ردُّ القسمين الآخَرينِ إليه، فجميع التصرفات البشرية للمكلَّفين في الإسلام تخضع لأحكام الشرع، وتصدر من مقام العبودية لله تعالى.


'الخُلُق مع النَّفْس'

ويُقصد به التزام المسلم في قرارة نفسه بالأخلاق والآداب وما يسوس به نفسه من تزكية وتهذيب وتربية.


'الخُلُق مع الخَلْق'

ويُقصد به التزام المسلم بالسلوكيات والأخلاق مع غيره، وكذلك الالتزام بالقواعد والأسس الأخلاقية التي تَضبِط العلاقة مع الآخرين، وهذا النوع يتجزأ إلى عدة أقسام مِثْل الخلق مع الرسل والأنبياء وكذلك مع الوالدين، والخلق مع المؤمنين، والخلق مع أولي الأرحام، والخلق مع العجماوات والخلق مع الكافرين وغير ذلك.


عند ذِكْر الأخلاق في الحرب لعل ما يسبق إلى الذهن هو آخر قسم من منظومة الأخلاق الإسلامية والذي يتعلق بالأدب مع الخَلْق والذي يمكن حصره في جزئية الأخلاق مع المحاربين والأعداء فقط، خصوصًا أن بعض المصنِّفين في المجال الأخلاقي أدرج على الاهتمام بإظهار هذا القسم فقط عند تناول الأخلاق بالبحث والدراسة دون أن يتعرُّض للقسمين الأولين، وفي حال التسليم بقَبُول هذا الحصر من الناحية الاصطلاحية، فمن غير الممكن إنكار ما يَختزِله هذا الحصر من شيمٍ وقِيمٍ أخلاقيَّة رفيعة، وما يتخللها من ممارسات وسلوكيات حميدة والتي بدونها يصعب اكتمال عِقْدُ الأخلاق ويصعب أيضًا اتساق نظمُها، ولكن قد يصيب الدراسة قصور وخللٍ عند الرجوع إلى جزء ليُعبَّر به عن الكل، وذلك لأن منظومة الأخلاق مُترابِطة الأجزاء في الإسلام، ومتَّسِقة الأبعاض، ومتكاملة الأعضاء، وتتقاطع فروعُها وتتداخل جزئياتها ولكن باتساق وانتظام، وهذا يجعل دراسة قسمٍ منها دون الآخر دراسة مُنتقصة وقاصرة، ويُشار إلى أن الأخلاق في الإسلام تُمثِّل القواعد والأسس التي يَنطلِق بها المسلم في تصرفات وسلوكيات مُنضبِطة في شتى مجالات الحياة وأدق تفاصيل المعيشة، بحيث يَنضبِط باطنًا وظاهرًا بتلك الأخلاق الملازمة لأحكام الشريعة في وجودها وكينونتها والصادرة عن نصوص الوحي.



آثار الأخلاق الحسنة

يعود الخلق الحسن بالكثير من الفوائد على المجتمع، منها:[3]


- ترابط أبناء المجتمع واتحادهم وزيادة تماسكهم، فعندما يكون الأفراد أصحاب أخلاق حميدة فإن ذلك سوف يظهر عن طريق الأفعال الحسنة والسلوكيات التي يتعاملون بها مع بعضهم البعض، مما يؤدي إلى نشر السلام والمحبة.

- تُساهم الأخلاق الحسنة بالرقي بالمجتمع كمنظومة متكاملة، فعندما يمتلك الفرد أخلاقًا حميدة فإنه يُساهم بالرقي بنفسه في البداية، ويزداد مقربه من الله تبارك وتعالى، ويألفه الأفراد من حوله ويصبح العدو منهم صديقًا.

- تحمي المجتمع من انتشار المشكلات الاجتماعية والرذائل مثل النصب، والسرقة، والاعتداء على الآخرين ووتخويفهم وترويعهم.

- تزيد منعة وقوة المجتمع أمام غيره من المجتمعات، فعندما يتميز أبناء المجتمع بالأخلاق الحسنة فإن تعاونهم وترابطهم معاً يحميهم من أي اعتداء خارجي لأن المعتدي يعلم مدى تماسكهم وترابطهم.

- الرقي بالنشاط الاقتصادي في المجتمع، وذلك لأن أصحاب الأخلاق الحسنة ينجزون أعمالهم بأحسن صورة وأكمل وجه، حيث تظهر هذه الأخلاق في كل تصرفاتهم ومعاملاتهم مع غيرهم على العكس من الذين يتصفون بالأخلاق السيئة والذين يتكاسلون عن أداء وظائفهم ولا ينجزون المعاملات بطريقة صحيحة، بالإضافة إلى أنهم من الممكن أن يحرموا صاحب الحق من حقه ويعطوه لمن لا يستحقه، الأمر الذي من شأنه أن يضعف الاقتصاد.



أهمية الأخلاق في الإسلام

الخُلق هو الشيء الذي يراه الناس ويلمسونه من بين سائر الأعمال الإسلامية، فالناس لا يعرفون عقيدةَ الشخص لأن موضعها القلبُ، بالإضافة إلى أنهم لا يرون جميع عباداته إلا أنهم يرَوْن أخلاقه من خلال تعامله معهم بها، ولذلك سوف يحكمون على دِينَه انطلاقًا من تعامله وليس من خلال قوله ودعواه، وقد بين التاريخ أن الشرق الأقصى والممثل اليوم بإندونسيا، والفلبين، والملايو وماليزيا أن أهلُها لم يعتنقوا الإسلام بسبب فصاحة الدعاة، ولا بسبب سيف الغزاة، ولكن بسلوكيات التجَّار وأخلاقهم من أهل عُمان وحضرموت، فقد كان تعاملهم مبنيًا على الأمانة، والصدق، والسماحة والعدل، ومما يؤسَفُ اليوم له أن الوسيلةَ التي أدخلت العديد من الناس في الإسلام هي نفسها التي تصرِفُ الناس عنه، فقد فسَدت السلوكيات والأخلاق، فرأى الناس اختلافًا وتناقضًا بين الادِّعاء والواقع، ولذلك جعل الإسلام الخُلق عبادةً يؤجر الإنسان عليها، ومجالاً من أجل التنافس بين العبيد، فقد عدّه الرسول - عليه الصلاة والسلام - أساسَ التفاضل والخيريَّة يوم القيامة، فقال: (إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا المُتشدِّقون المُتفَيْهِقون الثَّرثارون)[أبو ثعلبة الخشني:إسناده صحيح]، وأيضًا جعَل ثواب حُسن الخُلق ثقيلاً في الميزان، حتى أنه لا شيء أثقلُ منه، فقال - صلى الله عليه وسلم - (ما من شيءِ أثقلَ في الميزان مِن حُسن الخُلق)[أبو الدرداء:إسناده صحيح].[4]




  

المراجع

[1]: kololk

[2]: alukah

[3]: sotor

[4]: ar.islamway



عدد المشاهدات 3264


Top

Top