الحضارة اليونانية

الحضارة اليونانية

كتب المقال بواسطة: خلدون عياصره  أخر تحديث على المقال: 00:00:00, 19 أغسطس 2020



المحتويات


 

جغرافية اليونان القديمة

تغيرت جغرافية الحضارة اليونانية القديمة بصورة ملحوظة خلال تاريخها، فقد كانت أصولها في أرض اليونان وجزر بحر إيجة بالإضافة إلى الساحل الغربي لآسيا الصغرى (تركيا الحديثة)، وقد ضمت الأراضي الصالحة للزراعة في قيعان الوادي التي تحيطها المنحدرات الحادة، وكذلك الجزر الصغيرة المحصورة بالمياه، ونتيجة لذلك تألفت اليونان القديمة من العديد من المناطق الصغيرة لكل منها لهجتها الخاصة، وهويتها وخصوصيتها الثقافية، وقد انتشرت المدن في الوديان الواقعة بين الجبال وفي السهول الساحلية الضيقة، ولم تهيمن إلا على مساحة محدودة حولها، وقد كانت هذه المدن مستقلة عن بعضها البعض بدرجة كبيرة.


منذ حوالي عام 750 قبل الميلاد بدأ الإغريق بإرسال المستعمرات في جميع الاتجاهات واستقروا بعد ذلك على سواحل وجزر البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأسود، وفي حوالي عام 600 قبل الميلاد استقرت الدول اليونانية على سواحل إسبانيا في الغرب وسواحل قبرص في الشرق، وأصبحت صقلية وجنوب إيطاليا قبل كل شيء مركزًا رئيسًا للاستعمار اليوناني، وكانت هذه المنطقة معروفة لدى الرومان باسم "Magna Graeca"، وفي وقت لاحق تمكنت فتوحات الإسكندر الأكبر من نشر الحضارة اليونانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهنالك اختلطت مع الثقافات القديمة في تلك المنطقة من أجل تكوين حضارة هجينة وصفها العلماء بحضارة "الهلنستية".[1]



مراحل الحضارة اليونانية

يُقدر عمر الثقافة اليونانية القديمة بأكثر من ألف عام من التاريخ، بداية من الحضارات الأولى في المنطقة إلى الثقافات التي عُرفت بحضارة الإغريق القدماء، وبعد عصر الظلام اليوناني ازدهرت اليونان مرة أخرى وتطورت لتصبح الثقافة القديمة التي ندركها اليوم، ويُشار إلى أن الثقافة اليونانية تعتمد على سلسلة من القيم المشتركة التي تربط بين دول المدن المستقلة في جميع أنحاء المنطقة، وقد توسعت شمالاً حتى جبل أوليمبوس.


كان المجتمع اليوناني مجتمعًا معزولًا، وتركزت الولاءات حول بوليس، وقد اعتبر اليونانيون أنفسهم متحضرين بينما اعتبروا الغرباء أُناسًا همجيين، وفي حين تركزت الحياة اليومية والولاء اليوناني على بوليس واحد، إلا أن الإغريق خاضوا بطولات من أجل السيطرة على شبه الجزيرة وكانوا قادرين على الاتحاد معًا ضد أي تهديد مشترك مثل الفرس، ويُشار إلى أن الثقافة اليونانية ركّزت على الفن والهندسة المعمارية والفلسفة والرياضة وكانت أثينا فخورة بشدة بتأسيسها للديمقراطية، حيث شارك المواطنون من جميع الدول في الواجبات المدنية، وقد كُلّف الفنانون والمهندسون المعماريون لتكريم آلهتهم وتجميل مدنهم، ولا يزال تكريم الفلاسفة وعلماء الرياضيات والمفكرين اليونانيين موجودًا إلى اليوم، وكشعب متدين يعبد الإغريق عددًا من الآلهة ويقدمون التضحيات والطقوس والمهرجانات، وفيما يلي نستعرض مراحل تطور الحضارة اليونانية، وهي:[2]


- الحضارة السيكلادية: خلال العصر البرونزي، تطورت العديد من الثقافات المتميزة حول بحر إيجه، وازدهرت الحضارة السيكلادية حول جزر سيكلاديز من 3000 إلى 2000 قبل الميلاد، ولا يُعرف الكثير عن الحضارة السيكلادية لأنها لم تترك سجلات مكتوبة، حيث عُرفت ثقافتهم المادية بصورة أساسية من مواقع القبور التي كشفت بعضًا من الأعمال الهندسية الفريدة. 

- حضارة مينوان: تمتد حضارة المينوان من 3700 قبل الميلاد إلى 1200 قبل الميلاد، وقد ازدهرت هذه الحضارة خلال فترة العصر الحجري الحديث (من 1700 إلى 1400 قبل الميلاد) وأنشأت بناءًا واسع النطاق للقصور المجتمعية، وقد اكتشفت محفوظات عديدة في مواقع "Minoan" ولكن لم يتمكن أحد من فك الشيفرات في لغتهم، ويُشار إلى أن ثقافة المينويون تركزت على التجارة والإنتاج وكانوا من البحارة الكبار في البحر الأبيض المتوسط. 

- الحضارة الميسينية: تطورت ثقافة بروتو-يونانية والمعروفة باسم الميسينيين وازدهرت في البر الرئيس وانتشرت في جزر إيجة وكريت في نهاية المطاف، وقد طور الميسينيون ثقافات متشابهة تركزت على سلطة حاكم واحد، ولكنها لم تستمر حيث انهارت في نهاية المطاف، واحْتُلتْ العديد من مواقع القلعة الخاصة بهم خلال عصر الظلام اليوناني وأُعيد بنائها في دول المدن اليونانية. 

- عصر الظلام: منذ حوالي عام 1200 قبل الميلاد، بدأت مراكز القصر والمستوطنات البعيدة في التخلي عن الميسينيين، وبحلول عام 1050 قبل الميلاد اختفت الملامح البارزة للثقافة الميسينية، وقد قيل العديد من التفسيرات جرّاء سقوط حضارة الميسينيين وانهيار العصر البرونزي وأرجعها البعض إلى كارثة مناخية وبيئية مقترنة بغزو شعوب البحر ولكن لا يوجد تفسير واحد يناسب الأدلة الأثرية المتاحة، ويُشار إلى أن هذه الفترة الممتدة من قرنين إلى ثلاثة من التاريخ تُعرف أيضًا باسم عصر هوميروس.

- الفترات الهندسية و الاستشراق: شهدت الفترة الهندسية (900 - 700 قبل الميلاد) والتي تستمد اسمها من انتشار التصميمات الهندسية وتقديم الأشكال في الفن ظهور ثقافة جديدة في البر الرئيسي اليوناني، حيث تغيرت الثقافة في اللغة وتكيفت مع الأبجدية الفينيقية ومُورست تقاليد جديدة في الجنائز وحدث اختلاف في الثقافة المادية، وخلال هذا الوقت تركزت الثقافة الجديدة على الشعب والقطب المستقل الذي قسم الأرض إلى سكان إقليميين، وقد شهدت هذه الفترة زيادة في عدد السكان وإحياء التجارة وأُطلق على فترة الاستشراق (حوالي 700 - 600 قبل الميلاد) اسم فترة التبادلات الثقافية التي أجراها الإغريق مع الحضارات الشرقية، وخلال هذا الوقت بدأت التجارة الدولية في الازدهار وازداد التواصل مع الحضارات الأخرى.

- اليونان القديمة: استمرت فترة اليونان القديمة من 600 إلى 480 قبل الميلاد، وقد توسعت فيها الثقافة اليونانية وبدأ الإغريق في استعمار المناطق على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأسود، وفي هذا الوقت كان يوجد حاكم واحد يحكم عادة القطب بالقوة، وبالنسبة لمدينة أثينا فقد انتشرت فيها الديمقراطية وظهرت العديد من دول المدن كقوى كبرى بما في ذلك أثينا، وسبارتا، وكورنثوس وطيبة، وفي الغالب كانت هذه الأقطاب تتقاتل مع بعضها البعض، وفيما بعد شُكّلتْ تحالفات لكسب السلطة والحلفاء إلا أن الغزو الفارسي لليونان في عام 480 قبل الميلاد كان بمثابة نهاية الحقبة الأثرية.



الثقافة والفلسفة

كان الإغريق القدماء متعطشين للمناقشات القائمة على المنطق، وكانوا فضوليين لمعرفة سبب وجود الأشياء ولماذا وقعت الأحداث، وقد مهد هذا الفضول الطريق لتطورات مهمة في الرياضيات والعلوم، حيث تشير السجلات القديمة إلى أنهم بنوا مدرسة طبية مبكرة في كنيدوس عام 700 قبل الميلاد وهنا بدأوا مراقبة المرضى، ويشار إلى أن الفيلسوف ألكمايون "Alcmaeon" عمل في هذه المدرسة وكتب على نطاق واسع عن الطب على الرغم من أنه كان فيلسوفًا للعلم ولم يكن طبيباً، وقد كان أول شخص يتساءل عن الأسباب الداخلية المحتملة للمرض، واقترح أن المرض قد ينجم عن مشاكل بيئية وعن التغذية ونمط حياة.


بالإضافة إلى الطب، كان الإغريق في العصور القديمة من كبار التجار وكانوا أصحاب ثقافة عالية، فقد أقاموا الأنشطة الثقافية والتي شملت على الشعر، والمناقشات العامة، والسياسة، والهندسة المعمارية، والنحت، والكوميديا ​​والدراما وقد كانت كتاباتهم صوتية، وهذا يعني أن الناس يمكنهم قراءتها بصوت عالٍ وكان هذا شكلًا أكثر مرونة من التواصل الكتابي وأسهل على الناس فهمه من الهيروغليفية.[3]



الفن اليوناني

تطورت ممارسة الفنون الجميلة في اليونان القديمة على ثلاث مراحل أو فترات أساسية، وهي الفترة الأثرية (من 650 إلى 480 قبل الميلاد)، والفترة الكلاسيكية (من 480 إلى 323 قبل الميلاد)، والفترة الهلنستية (من 332 إلى 27 قبل الميلاد)، ويُشار إلى أن العصر الكلاسيكي شهد ازدهارًا في القوة اليونانية والهيمنة الفنية، أما الفترة الهلنستية والتي افتتحت بموت الإسكندر الأكبر فقد شهدت انتشار الفنون على الطراز اليوناني في جميع أنحاء المنطقة، ولذلك أُنشئ المزيد من مراكز الثقافة اليونانية في الأراضي التي تسيطر عليها اليونان، وعلى الصعيد الآخر شهدت الفترة أيضًا تراجعًا مما أدى إلى سقوط اليونان وصعود روما حيث انتهت الحضارة اليونانية بالاحتلال الروماني الكامل لحوض البحر المتوسط ​​بأكمله.[4]




  

المراجع

[1]:timemaps

[2]lumenlearning

[3]medicalnewstoday

[4]visual



عدد المشاهدات 4992


Top

Top