السيرة النبوية

السيرة النبوية

كتب المقال بواسطة: خلدون عياصره  أخر تحديث على المقال: 00:00:00, 19 أغسطس 2020



المحتويات


 

تعريف السيرة النبوية

السيرة في اللغة هي السنة أو الحالة أو الطريقة التي يكون عليها الشيء، قال تعالى: ﴿قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى﴾[طه:21] أي حالها الذي كانت عليه، أما المعنى الاصطلاحي فهو ذكر ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأفعال، والأقوال، والتقريرات، والصفات الخَلقية والخُلقية حتى السكنات والحركات منامًا أو يقظةً، ويُشار إلى أن مصنفو السير أدخلوا فترة ما قبل ميلاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك بسبب ارتباطها بالميلاد الشريف، ومن أجل مقارنة حال الأرض بصورة عامة وحال العرب بصورة خاصة قبل ميلاده وبعده، وهذا يفيد في فهم السيرة ودراستها.


إن السيرة النبوية هي من أهم السبل من أجل فهم مراد الله تعالى من وحيه المنطوق، وإذا جاز تسمية القرآن الكريم والسنة النبوية المدونة بالوحي النظري، فإن السيرة هنا هي الوحي التطبيقي العملي، حيث أنه - عليه الصلاة والسلام - كان قرآنًا يمشي على هذه الأرض، والسيرة النبوية هي منهج متكامل للحياة تبين الجانب الاجتماعي والأخلاقي، والجانب الديني والسياسي، والجانب الإداري والجانب العسكري، ولذلك تعد السيرة النبوية تطبيقًا لمفهوم الإسلام الشامل الذي هو منهج حياة، ولدراسة السيرة النبوية العديد من الثمار منها فهم شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - من خلال معرفة تاريخ حياته والظروف التي عاشها والتي أحاطت به، فلم يكن - عليه الصلاة والسلام - مجرد عبقري تجاوزت عبقريته عظماء العالم بمراحل، ولكنه قبل هذا رسول مُؤيد بوحي من عند الله عز وجل، ومؤيد كذلك بتوفيق من لدنه، ولذلك أُمِرَ المسلمون أن يتبعوه، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب:21]، فحياته - صلى الله عليه وسلم - تقدم نماذج سامية للإنسان في مختلف المراحل من حياته، ومهما تبدلت الوظائف والأماكن، حيث تضم سيرته أروع الأمثلة للشاب صاحب السلوك المستقيم، الأمين مع أصحابه وقومه، كما تضم كذلك نماج مثالية للداعي إلى الله تعالى باللين وبالحكمة والموعظة الحسنة، والباذل منتهى الجهد من أجل إبلاغ رسالته، ولرئيس الدولة الذي يُجري الأمور بمهارة وحكمة بالغة، وللأب في عطفه وحنانه، وللزوج المثالي في حسن المعاملة، وللسياسي الصادق والقائد الحربي المحنك والماهر، وللمسلم الذي يجمع بين واجب العبودية والتبتل لربه وبين المعاشرة اللطيفة مع الأهل والأصحاب، فمن خلال السيرة النبوية يمكن تعلم مناهج الحياة بحيث يستفيد الجميع منها كل حسب مكانه من السيرة النبوية، ويمكن كذلك التعرف على المثال الأفضل والتعرف على دقائق حياته حتى يتسنى إتباعه، فهو الإنسان الكامل - عليه الصلاة والسلام - وهو النموذج الذي أراده الله تعالى من الخلق.[1]



نسب النبي صلى الله عليه وسلم

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، كان جدُّه عبد المطلب سيدَ قريش وأجمل الناس وأوسمهم وأعظمهم، وهو الذي حَفَرَ بئرَ زمزم، وتولَّى رفادة الحجاج وسقايتهم، وهو صاحب الموقف المشهور مع أبرهة عندما قدم ليهدم الكعبة، فطلب منه مائتي بعير كان قد أخذها منه في حملته لهدم الكعبة، فعجب أبرهة من هذا الطلب، وقال له: "أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمني فيه!" فرد عليه عبد المطلب قائلًا: "إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربًّا سيمنعه"، وقد أنجب عبد المطلب عددًا من الأولاد، منهم: عبدالله (والد النبي -عليه الصلاة والسلام-)، وحمزة، وأبو طالب، والعباس، وأبو لهب (واسمه عبد العزى) وغيرهم من الذكور والإناث الذين بلغ عددهم ستًّا من الإناث وعشرة من الذكور.


تزوج عبد الله بن عبد المطلب من آمنة بنت وهب وأنجب منها رسول الله محمد - عليه الصلاة والسلام - الذي كان  أعظم قومه شرفًا، وأوسطهم نسبًا من قِبل أبيه وأمه، حيث إن وهب بن عبد مناف جد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمه كان سيدًا على بني زهرة نسبًا وشرفًا، وكانت آمنة أفضل النساء في قريش موضعًا ونسبًا، ويُشار إلى أن نسب الرسول - عليه الصلاة والسلام - يعود  إلى سيدنا إبراهيم - عليه السلام - ونسبه الزكيُّ إلى جده عدنان وهذا باتفاق بين العلماء، فهو: محمد بن عبد الله عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدْرِكَة بن مضر بن نزار بن مَعَد بن عدنان، وهو من أحفاد النبي إسماعيل - عليه السلام - [انظر السيرة النبوية لابن هشام].[2]



أهم أحداث السيرة النبوية

مرت السيرة النبوية العطرة بالعديد من الأحداث، لعل أهمها:[3]


- حادثة شق الصدر: جرت العادة عند العرب أن يلتمِسوا المراضع لأبنائهم، وذلك من أجل أن تقوى أجسامهم، ويُتقِنوا اللسانَ العربيَّ في مهدهم، وتشتدَّ أعصابهم، وقد استرضع لنبي الله - عليه الصلاة والسلام - واحدة من نساء بني سعد بن بكر واسمها حليمة بنت أبي ذؤيب وزوجها هو الحارث بن عبدالعزى الذي يُكنّى بأبي كَبْشة من نفْس القبيلة، وقد رأت حليمة من بركته - عليه الصلاة والسلام - العجبَ العُجاب والتي استشعرتْها مع إرضاعها له، فقد بُورك المرعى والمكان الذي يسكنونه وجميع ما يملِكون، ويُشار إلى أن مرضعته سعِدت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سعادةً كبيرة وبقي معها حتى بلَغ العام الرابع أو الخامس من مولده، حيث وقعت حادثة شَقِّ صدره - صلى الله عليه وسلم -، فقد رَوَى ذلك أنس - رضي الله عنه - فقال: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل وهو يلعب مع الغِلمان فأخذه، فصرَعه، فشَقَّ عن قلبه، فاستخرج القلبَ، فاستخرج منه علقةً، فقال: هذا حظُّ الشيطان منك، ثم غسَله في طستٍ من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمَه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني مرضعته - فقالوا: إن محمدًا قد قُتِل فاستقبَلوه وهو مُنتقِع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثرَ ذلك المخيط في صدره)[أنس بن مالك:إسناده صحيح].

- عام الحزن وأحداث مؤلِمة: عام الحزن هو العام العاشر من النبوة، جاء بعد خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشِّعب بستة شهور، فقد توفِّي عمه أبو طالب، ثم انتقلت زوجته خديجة - رضي الله عنها - إلى رحمة ربها بعد وفاة أبي طالب بما يُقارب الشهرين أو الثلاثة شهور وقيل بعد أيام قلائل، وقد حدثت هاتان الواقعتان المؤلمتان خلال أيام معدودة، فتأججت مشاعرُ الألم والحزن في قلب نبي الله - عليه الصلاة والسلام - ثم لم يزل ينزل به أذى قومه، فازداد ألمًا وحزنًا إلى أن يئس منهم وخرج إلى الطائف رجاء الاستجابة لدعوته، وإيوائه، ونصرته على قومه، فلم يرَ ناصرًا ولم يرَ من يؤويه، بل آذوه أشدَّ الأذى، ونال منهم ما لم ينله من قومه، فحُقَّ تسمية هذا العام بعام الحزن.

- رحلة الإسراء والمعراج: وسط هذه الآلآم والأحزان أراد ربُّ العالمين أن يُكرم حبيبه وعبده محمد - عليه الصلاة والسلام - لمواساته وللتخفيف عنه، وقد تعدى كرَمه عز وجل أن يُنزِل على عبده السكينة والتثبيت إلى عطاء لم يَسبِق لنبي من قبله، فقد استضافه الله عز وجل عنده في رحلة عظيمة فوق سبع سموات، وهي رحلة الإسراء والمعراج، حيث أُسري به - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، ثم عُرِج به إلى السماوات العلا، فمرَّ على الرسل والأنبياء في السموات إلى أن بلغ السماء السابعة، ثم بلغ سدرة المنتهى حيث فُرِضت عليه الصلاة، وبعد ذلك عاد إلى مكة المكرمة مرة أخرى[انظر: سيرة ابن هشام]، وقد عايَن الرسول - صلى الله عليه وسلم - آياتٍ كثيرة في هذه الرحلة العظيمة، وقد أعطاه الله تعالى المقدرة على وصْف بيت المقدس لقومه بعد عودته دلالة على صدقه.



أشهر كتب السيرة النبوية

نستعرض من خلال التالي عددًا من أشهر كتب السيرة، وهي:[4]


- سيرة بن هشام: وهو أول الكتب في السيرة النبوية، ألفه ابن اسحاق ورواه أبو محمد عبد الملك بن هشام، فقد أورد أبو إسحاق السيرة النبوية في كتابه وتمكن ابن هشام أن يروي ما يوجد في هذا الكتاب ابتداءً بذكر إسماعيل  - عليه الصلاة والسلام - وحتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك ما لا علاقة به بسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبذلك خفف من أشعار سيرة ابن إسحاق.

- كتاب الفصول في اختصار سيرة الرسول: وهو واحد من أكبر كتب السيرة النبوية والذي ألفه ابن كثير، فقد استطاع المؤلف في هذا الكتاب سرد خير الفعل والقول من حياة الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - واستطاع كذلك احتواء كل ما يهم القارئ المسلم وكل ما يجب معرفته حول حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسلوب واضح غير غامض.

- كتاب الرحيق المختوم: وهو أحد أفضل الكتب في السيرة النبوية والذي ألفه الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، وقد عُدّ هذا الكتاب من أجل ذكر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لتكون قدوة لكل المسلمين، وأُدرجت أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه بأسلوب بارع وكأنما رسم الرسول - عليه الصلاة والسلام - حيًا ضمن لوحة يستطيع كل من يراها فهمها، وقد حاز هذا الكتاب على المركز الأول ضمن مسابقة رابط العالم الإسلامي في السيرة النبوية الشريفة.

- كتاب زاد الميعاد في هدى خير العباد: مؤلف هذا الكتاب هو ابن القيم الجوزية، واستطاع من خلاله نقل سيرة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ضمن خمسة مجلدات حيث أورد السيرة، وأصول الفقة، والتاريخ كما جاءت في حياته - صلى الله عليه وسلم - وضم الكتاب غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعباداته، ومعاملته لأصحابه ولزوجاته ولأعدائه، ولذلك يعد هذا الكتاب مصدرًا غنيًا جدًا لمعرفة سيرة النبي العطرة والأحاديث النبوية الشريفة.




  

المراجع

[1]: draligomaa

[2]: dar-alifta

[3]: alukah

[4]: almrsal



عدد المشاهدات 1853


Top

Top