مبادئ وأسس التربية والتعليم

مبادئ وأسس التربية والتعليم

كتب المقال بواسطة: خلدون عياصره  أخر تحديث على المقال: 02:44:04, 23 نوفمبر 2020



المحتويات


 

الأسس الاجتماعية للتعليم

تعتمد أسس التعليم الاجتماعية على العديد من التخصصات والمجالات لدراسة التعليم، وهي التاريخ والفلسفة والتعليم المقارن / الدولي والدراسات الثقافية وعلم الاجتماع والعلوم السياسية، ويساعد البحث عن المؤسسات الاجتماعية في صقل قدرات الطلاب على فهم وتحليل وشرح القضايا والسياسات والممارسات التعليمية من أجل تحسين التعليم، وبالتالي فإن الغرض من دراسة الأسس الاجتماعية هو الاستفادة من تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية لتطوير وجهات نظر الطلاب التفسيرية والمعيارية والنقدية حول التعليم داخل وخارج المدارس، حيث تحفّز هذه الأسس االطلاب للتفكير بعمق في العلاقات بين التعليم (الرسمي وغير الرسمي) والمجتمع (المؤسسات) ككل، كما تشجع المؤسسات الاجتماعية المعلمين على استخدام الحكم النقدي بهدف التشكيك في الترتيبات ولافتراضات التعليمية لتحديد التناقضات بين السيايات والقيم والممارسات الاجتماعية والتعليمية.[1]



أسس ومبادئ التربية في الإسلام

يعتمد كل نظام تعليمي على فكرة ورؤية مؤسسية حول عدد من العناصر، هي: الطبيعة الحقيقية، والأبعاد الأنطولوجية للإنسان، والأهداف التي يأخذونها في الاعتبار للتعليم وفكرتهم حول كيفية تطور البشر وتقدمهم نحو الهدف، وفي الواقع تشكل هذه الرؤى والمفاهيم أسس التعليم في كل نظام فكري على الرغم من أنه قد لا يُؤخذ بوعيٍ في الاعتبار أو قد لا يُذكر صراحة.


بطبيعة الحال، يرتكز النظام التعليمي الإسلامي أيضًا على سلسلة من الأسس المحددة المنبثقة من رؤية إسلامية حول القضايا المذكورة أعلاه، ولذلك من الضروري الانتباه قبل كل شيء إلى هذه الركائز النظرية، وبعدها يمكن التوسع بشرح المبادئ العملية التربوية على أساسها قبل محاولة التوسع في نظام التعليم الإسلام.


بعد مناقشة الفكرة الإسلامية حول الطبيعة الحقيقية للبشر، وأبعادهم الأنطولوجية، والهدف من خلقهم والطريقة التي يسيرون بها نحو هذه الغاية يمكن الاطلاع على النقاط الاثنتي عشرة التالية والتي تعد بمثابة حجر الأساس في التربية الاسلامية من أجل تمهيد الطريق لتحقيق أقصى قدر من الكمال للبشر، وهي:[2]


- الطبيعة الحقيقية للإنسان: من وجهة نظر إسلامية، ليس الإنسان مجرد كائن مادي بل يمتلك عنصرًا يبقى بعد أن يبلى الجسد وهو الروح، وفي الواقع إن الروح هي المحرك بينما يعمل الجسد كوسيلة للنشاط أو كوسيلة للعمل والحركة، ولذلك يجب الاهتمام بتوجيهها نحو السعادة من خلال اتباع الأحكام التي جاء بها الإسلام.

- مكانة الإنسان في العالم: يمتلك الإنسان من بين مخلوقات هذا العالم نعمًا وقدرات معينة تميزه عن الآخرين تتمثل بتفاصيل دقيقة موجودة في الأعضاء الخارجية والداخلية له وخاصة في الدماغ والجهاز العصبي علاوة على قدراته النفسية الفريدة التي تسمو على أي كائن حي آخر، ومن خلال هذه الخصائص يستطيع الإنسان استغلال الطبيعة وتوظيفها في خدمته وتقدمه وكماله، وبهذا فإن منح البشرية مثل هذه الامتيازات هو تبجيل إلهي كما جاء في القرآن.

- الإنسان كائن يمتلك الخيار (مخيّر): إن القوى والإمكانات التي منحها الله تعالى للإنسان هي أصول وراثية وفطرية تساعده للمضي نحو هدفه النهائي، ومع ذلك فإن استغلال هذه الموارد الإلهية يعتمد على إرادة المرء واختياره وقراره، وهنا يمكن للمرء أن يستفيد من هذه النعم للسير في الطريق إلى الكمال الفعلي والحصول على السعادة الأبدية، وفي المقابل يمكن للمرء أيضًا أن يسيء استخدامها وبالتالي ينحدر نحو الركود والدناءة لدرجةٍ تجعله أقل استحقاقًا من الحيوانات مما يقوده إلى البؤس الأبدي، وباختصار يمكن القول أن الإنسان يمتلك طريقين لا متناهيتين، أحدهما يصعد إلى الكمال اللامتناهي والسعادة، والآخر يصطدم بالبؤس والكرب اللامتناهي، ولذا فإن القيمة الإنسانية الكبرى والكرامة مرهونة باختيار التقوى.

- الهدف من خلق الجنس البشري: يتميز الجنس البشري بصفات فريدة من أجل السير على طريق الكمال مع الإرادة الحرة والاختيار الواعي ليكون مستحقًا لتلقي بركات تُمنح للفرد نتيجة لأعماله ونواياه بهدف الوصول إلى موضع القرب من الله تعالى، ولذلك يمكن القول أن الغاية من خلق الإنسان هو عبادة الله سبحانه لنيل الرضا والسعادة الأبدية.

- الدنيا مقدمة للآخرة: بالنظر إلى هدف الخلق البشري يتضح أن حياة المرء في هذا العالم هي فترة انتقالية محدودة وتحضيرية لإدراك الذات والتقدم وإضفاء الطابع الموضوعي على الإمكانات، وتظهر النتيجة المستقرة والأبدية لهذه الحياة في الآخرة، فإذا اختار الناس - في الحياة الدنيا - اتجاه الكمال فسيقيمون في صرح النعمة والرحمة الأبديين، وإذا اختاروا العكس فسيخلدون في العذاب والانحلال اللامتناهي.

- العمل والمصير: إن صعود الإنسان إلى قمم الكمال والسعادة أو نزوله إلى أودية الانحلال والدمار هو نتيجة أفعاله وسلوكه سواء أكان العمل داخليًا (مثل ذكر الله تعالى) أو خارجيًا كالصلاة والصدقة وغيرها، وهذه الأعمال هي التي تحدد مصير المرء.

- شروط قبول الأعمال: تنبع السلوكيات الإنسانية الإرادية من الميول الفطرية والطبيعية، ويعتمد توجيه مثل هذه الإجراءات على معرفة حقائق محددة، والإيمان بحقائق معينة واعتماد قيم خاصة، وعلاوة على ذلك تتوقف الأعمال البشرية الخارجية على الاحتمالات الطبيعية والاجتماعية وتوافر الظروف الخارجية أيضًا.

- تكليف الإنسان: تنبع السلوكيات البشرية الأساسية (مثل كيفية الرضاعة) من الميول الفطرية بالإضافة إلى المعلومات التي جمعت من خلال التجارب البسيطة واستخدام الظروف المادية التي تتوفر دون إرادة الفرد، وعلى الرغم من أن هذا النوع من السلوكيات لا يخلو تمامًا من نوع من القرار والاختيار إلا أنه ليس له تأثير نهائي على سعادة المرء أو بؤسه الأبدي لأنه يفتقر إلى الحرية والوعي الكافيين وتدريجيًا تصبح السلوكيات أكثر تعقيدًا، ومع تأجيج لهيب الرغبات واكتساب المعرفة والأفكار وإيجاد الوسائل والظروف الخارجية يمكن توجيه مجال إرادة الفرد واختياره، وبالتالي فإن هذه الظروف تمهد الطريق لاتخاذ خطوات طويلة وحاسمة والتي تحدث عندما يبلغ الإنسان النمو المعرفي الضروري - سن البلوغ - بحيث يصبح مكلفًا ومحاسبًا على أعماله.

- علاقة الفروق الفردية بالمسؤوليات: إن الأفراد البشريين غير متساوين فيما يتعلق بإمكانياتهم التي وهبهم الله تعالى من القدرات الجسدية والقدرات النفسية، حيث إنهم يختلفون في التعامل مع الأنشطة الطبيعة والاجتماعية وكذلك وسائل الأنشطة الخارجية، وهذه الاختلافات هي نتائج نظام السبب والنتيجة الذي يحكم العالم ويمضي وفق الأحكام الإلهية، ويقضي القانون العام أن كل شخص مسؤول أمام الله تعالى الذي منحه هذه النعم في حدود قدرة الفرد وفقًا لنطاق الخيارات والبدائل المتاحة.

- أثر التعليم (دور المعلم والمربي): يتمتع البشر بفرصة الحصول على المساعدة من الآخرين في اكتساب المعرفة وقيم التعلم وتحقيق إمكاناتهم بصورة عامة وكذلك تصحيح أخطائهم وآثامهم، ومن هنا يتضح الدور المهم للمعلمين والمربين لأنهم هم الذين يمكنهم توسيع نطاق معرفة الفرد واستدلاله من خلال تدريس المعرفة الجديرة بتوفير المعلومات المفيدة، وهم القادرون على مساعدة الآخرين في اختيار الخيار الصحيح والتحكم برغباتهم وتحقيق الفضائل الأخلاقية مثل التكريس الذاتي والتضحية ومساعدتهم على عبادة الله تعالى في النهاية، وبهذه الطريقة ينمو الإنسان ليحقق الهدف الإلهي في خلق البشر.

- حتمية الحياة الاجتماعية ومقتضياتها: يحتاج الناس إلى التعاون والتعايش مع إخوانهم من بني البشر حتى يتمكنوا من مواصلة معيشتهم وتلبية احتياجات حياتهم ومحاربة التهديدات المختلفة، ويُذكر أن الحياة الاجتماعية بطبيعتها مبنية على تقسيم العمل، والتوزيع العادل للمنافع والمنتجات والقوانين والأحكام، وبدون هذه الآليات تتعطل الحياة الاجتماعية بفعل الفوضى، ويُحرم الناس من الموارد اللازمة لرحلتهم نحو الكمال، ومن ناحية أخرى تؤدي عُزلة الأفراد إلى جعل حياتهم بائسة أو حتى مستحيلة لأنها تترك المجتمع دون تعاونهم، وكلا العواقب تتعارض مع النفعية والعقلانية لخلق الجنس البشري.

- المسؤوليات الاجتماعية: نظرًا لأن المسار الذي يسلكه الفرد خلال حياته هو مسار ثنائي ويعتمد اتجاهه على القرار والاختيار الذي يتخذه الفرد أو المجتمع، يوجد دائمًا أشخاص لا يتخذون فقط خطوات ضد منفعاتهم الخاصة بحيث تقودهم نحو البؤس وتدمير الذات ولكنها تعيق الآخرين عن التقدم، حيث يبادرون إلى أشكال مختلفة من الظلم والاعتداءات، وبغياب المسعى الفعال الذي يهدف إلى توجيه المضلل والقضاء على أذى المعتدين والوقوف إلى جانب المحرومين والضحايا، سيهيمن على العالم الظلم والعدوان، وهنا لن يبقى أي فرصة للمحسنين وأولئك الذين لديهم استعداد للتقدم نحو الكمال، ونتيجة لذلك يجب تحديد أنواع مختلفة من المسؤوليات الاجتماعية على التوالي للأفراد والجماعات.



أسس الفلسفة التربوية

توفر الفلسفة التربوية الأساس الذي يبني ويوجه طرق توليد المعرفة ونقلها إلى الآخرين، ولذلك من الأهمية بمكان أن يبدأ المعلمون بتطوير فهم واضح للتقاليد الفلسفية ومعرفة كيف ترتكز الأسس الفلسفية على فلسفاتهم التربوية، لأن الفلسفة التعليمية الواضحة ستساعد في توجيه وتطوير أسباب متماسكة لكيفية تصميم كل مدرّس لمساحات الفصول الدراسية والتفاعلات التعليمية مع كل من المعلمين والطلاب، كما أن هنالك فلسفة واضحة تؤطر المناهج الدراسية على طول طيف من المناهج التي تركز على المعلم والمناهج التي تركز على الطالب والمناهج التي تركز على المجتمع.


على مدار التاريخ شهدت الفلسفة العديد من التحولات النموذجية التي تؤثر على التدريس والتعلم، وكل من هذه التحولات النموذجية غيّرت الأنطولوجيا ونظرية المعرفة وعلم الأكسيولوجيا ومدرسة الفلسفة، وبينما ترتكز التقاليد الميتافيزيقية الغربية على تقاليد الإغريق القدماء وفلسفات أفلاطون وأرسطو ساعدت التقاليد الفلسفية من القرن التاسع عشر على إرساء الأسس المبكرة للفلسفة التربوية وتطوير التعليم العام في أوروبا والولايات المتحدة.[3]



دور المناهج في تطوير المجتمع

يلعب تاريخ المناهج دورًا مهمًا للغاية في تنمية الأمة، ولذلك يستغرق إعداد المنهج وقتًا طويلاً وشاقًا كي يمثل حاجة المجتمع وتجارب الماضي، وهنا يوضّح المنهج الدراسي كيفية تطوير وتعديل المنهج وما يجب تدريسه وما يجب أن يكون المادة الأساسية للموضوعات والأهداف التي يحب تحقيقها من خلال المنهج، وكذلك يمكن من خلال المنهج معرفة كيف يجب على المعلم التدريس وما هي أفضل الممارسات التي يُحتاج إلى دمجها في تدريس المناهج الدراسية ونوع التدريس الذي يجب تجنبه، ويشرح المنهج أيضًا علم نفس المعلم وكيفية تحسين أساليب التدريس، ويوفر تفاصيل حول سلوك المتعلم في أوقات مختلفة، كما يوفر معلومات حول علم نفس الطلاب وكيف يتعلمون وماذا يريدون تعلمه.


على مرّ الأوقات، غيرت المناهج أشكالها وأنماطها من منهج مركز المعلم إلى منهج مركز المتعلم كما يتضح من التاريخ الطويل لعملية تطوير المناهج من أفلاطون إلى المناهج الحديثة، وقد غيّر تاريخ المنهج طرق التدريس والآن يجد كل باحث طرقًا جديدة للتدريس وأصبح أيضًا جزءًا من المنهج والتاريخ.


تصنف غالبية الدول النامية اليوم على أنها تلك الدول التي لديها تاريخ طويل من الحرية ونظام التعليم المناسب، وقد حققوا نجاحاتهم من خلال التعليم وتنفيذ المناهج الدراسية اللازمة للوقت، وبادروا بتعديل مناهجهم وفقًا لحاجة الوقت، كما حققت بعض الدول حديثة الولادة هذا الوضع لأنها تبنت نموذجًا ناجحًا لدول متقدمة أخرى وعدلت وفقًا لاحتياجاتها وثقافتها.[4]




  

المراجع

[1]: bgsu

[2]: ijtihadnet

[3]: lumenlearning

[4]: research-education-edu



عدد المشاهدات 6776


Top

Top