تعريف زكاة الفطر
تعد زكاة الفطر من أنواع الزكاة الواجبة على المسلمين التي تدفع قبل انقضاء صوم شهر رمضان المبارك أو قبل صلاة عيد الفطر، وهي فرض على كل مسلم قادر عليها، ولأن الفطر هو سبب الزكاة فقد أضيفت إليه، وتمتاز زكاة الفطر عن باقي الزكاوات الأخرى بأنها فُرضت على الأشخاص وليس على الأموال، بمعنى أن الهدف من فرضها هو تطهير نفوس وقلوب الصائمين على العكس من زكاة المال مثلًا التي تهدف إلى تطهير الأموال، ويُشار إلى أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم يمتلك ما يزيد عن قوته وقوت عياله وعن حاجاته الأساسية في يوم وليلة العيد، وعلى المقتدر أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعن زوجته وعن جميع من تلزمه نفقته، ويستحب كذلك إخراجها عن الجنين الذي أكمل الأربعين يومًا في بطن أمه أي عندما تُنفخ فيه الروح، وكما أُشير سابقًا فهي تجب على المستطيع، حيث قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ مَنْ يَقُوتُهُ يَوْمَهُ وَمَا يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَدَّاهَا عَنْهُمْ وَعَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا مَا يُؤَدِّي عَنْ بَعْضِهِمْ أَدَّاهَا عَنْ بَعْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا سِوَى مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلا عَلَى مَنْ يَقُوتُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ"[الأم ج2 باب زكاة الفطر]، ويُذكر أنه على المسلم أن يخرجها عن نفسه وعن زوجته وإن كان لها مال، وعن والديه الفقيرين وعن أولاده الفقراء، وأيضًا عن البنت التي لم يدخل زوجها بها، وكذلك يُخرج الزوج عن طليقته الرجعية لا البائن ولا الناشز، أما زوجة الأب الفقير فلا يلزم على الولد إخراج فطرتها لأنه لا تجب عليه نفقتها.[1]
مقدار زكاة الفطر
بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدار زكاة الفطر بأنها: صاع من الشعير أو صاع من التمر أو صاع من الزبيب أو صاع من الأقط (الجميد) على الصغير والكبير والحر والعبد والأنثى والذكر وهو مقدار ثابت لا يتبدل بتغير السنوات، ولذلك عندما يمتلك المسلم ما يفضل عن كفايته في يوم العيد بمقدار الصاع ـ وهو ما يقرب ثلاثة كيلو غرام من الأرز أو أقل قليلًا ـ فقد توجب عليه إخراج زكاة الفطر بل إذا فضل عن كفايته أقل من صاع فإنه يخرجه عن زكاة الفطر، وذلك كما هو في مذهب المالكية وإحدى الروايتين عن أحمد والأصح عند الشافعية، أما القدر الذي يعطى للمسكين، فيجوز أن تدفع زكاة الفطر عن شخص واحد لأكثر من فقير، وأيضًا يجوز دفع زكاة الفطر عن جماعة لفقير واحد، فقد جاء في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة أنه: "ويجوز إعطاء نحو فقير واحد ما على جماعة من فطرة، ويجوز عكسه ـ أي إعطاء جماعة ما على واحد".[2]
أوقات إخراج زكاة الفطر
الراجح عند العلماء أنه يستحب إخراج زكاة الفطر يوم العيد قبل صلاة العيد، ويجوز إعطاؤها للساعي قبل ذلك بيوم أو يومين، ولا يشرع أن تُأخّر بعد الصلاة ولا تجزئ عنه، والدليل على ذلك ما يلي:[3]
- فيما يخص إخراجها يوم العيد فلحديث ابن عمر - رضوان الله عنه -: (وأمر بها أن تخرج قبل الصلاة)[عبدالله بن عمر:حديث صحيح]، ولأنها من شعائر يوم العيد والتي تهدف إلى تطهير الصائم وإسعاد الفقراء في عيدهم.
- فيما يخص جواز إعطائها للساعي قبل العيد بيوم أو يومين فلحديث ابن عمر رضي الله عنه: (كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين)[عبدالله بن عمر:حديث صحيح]، وورد عن نافع أن هذا الإعطاء كان للعامل [موطأ مالك وصحيح ابن خزيمة].
- فيما يخص عدم إجزائها بعد صلاة العيد فلحديث ابن عباس - رضي الله عنه -: (فرض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زكاةَ الفطرِ طهرةً للصائمِ من اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ من أدَّاها قبل الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعد الصلاةِ فهي صدقةٌ من الصدقاتِ)[عبدالله بن عباس:حديث صحيح أو حسن] أي: لا تقبل كزكاة والله تعالى أعلم.
الحكمة من إخراج زكاة الفطر
إن الحكمة من مشروعية زكاة الفطر هو تطهير الصائم من الرفث واللغو، ويدل على ذلك ما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - حيث قال: (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين)[عبدالله بن عباس:حديث صحيح أو حسن]، ولأن الصائم في الغالب من الممكن أن يخوض في اللهو ولغو الكلام، وما لا يُستفاد فيه من القول، ومن الممكن أن يقع في الرفث وهو الساقط من الكلام فيما يخص العورات ونحو ذلك، فقد جاءت هذه الصدقة تطهيرًا للصائم مما قال من هذه الألفاظ المكروهة أو المحرمة التي تنقص أجر الأعمال وتخرق الصيام، ومن الحكم الأخرى لزكاة الفطر كذلك التوسعة على الفقراء المعوزين وعلى المساكين وإعطاؤهم ما يغنيهم عن السؤال والتطوف يوم العيد والذي فيه هوان وذل مما قد يمنع دخول الفرح والسرور عليهم، ولهذا ورد في بعض الأحاديث: (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم)[عبدالله بن عمر:أصله في الصحيحين عن ابن عمر]، ومعنى الحديث: أطعموهم وسدوا حوائجهم حتى يعفوا عن التكفف والطواف في يوم العيد، وكذلك يكون في إخراج زكاة الفطر عن الأطفال وغير المكلفين أو الذين لم يتموا الصيام لعذر شرعي من مرض أو سفر طهرة لهم وطهرة لمن أفطر لعذر والذي كان سيصوم إذا زال عذره، وهنا جاءت الزكاة طهرة مقدمة قبل حصول الصوم أو قبل إتمامه.[4]
حكم دفع القيمة في زكاة الفطر
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: "ولا تجزئ القيمة؛ لأنه عدول عن المنصوص"، وكذلك قال الإمام عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: "ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم، وهو أصح دليلاً، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم"، وقال كذلك رحمه الله: "... زكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرِّع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه"، وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: "ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب إخراجها طعاماً، ولا يجوز العدول عن الأدلة الشرعية؛ لقول أحد من الناس"، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)[عائشة أم المؤمنين:حديث صحيح].[5]