التعريف بتوماس إديسون
كان توماس إديسون مخترعًا أمريكيًا وأحد رواد الأعمال والمبتكرين الأمريكيين، ارتقى من بدايات متواضعة إلى العمل كمخترع للتكنولوجيا الكبرى بما في ذلك أول مصباح متوهج قابل للتطبيق تجاريًا، ويعود الفضل إليه اليوم في المساعدة في بناء الاقتصاد الأمريكي خلال الثورة الصناعية.
ولد إديسون في 11 فبراير 1847 في ميلانو بولاية أوهايو، وهو الأصغر بين سبعة أبناء لصموئيل ونانسي إديسون، وقد كان والده ناشطًا سياسيًا منفيًا من كندا، بينما كانت والدته معلمة مدرسة بارعة ولها تأثير كبير في حياة إديسون المبكرة، ويُذكر عن إديسون أنه عانى في طفولته من نوبة مبكرة من الحمى القرمزية والتهابات الأذن سببت له صعوبات في السمع في كلتا الأذنين، ثم تفاقمت حالته وأُصيب بالصمم عندما بلغ، وقد روى إديسون لاحقًا مع اختلافات في القصة أنه فقد سمعه بسبب حادث وقع مع قائد قطار كان يستقله.
في عام 1854، انتقلت عائلة إديسون إلى بورت هورون، ميشيغان، حيث التحق بالمدرسة العامة لمدة 12 أسبوعًا، وقد كان طفلًا مفرط النشاط وذكيًا لدرجة أن معلمه واجه صعوبة في تدريسه، ولذلك أخرجته والدته من المدرسة وعلمته في المنزل، وعندما بلغ إديسون سن الحادية عشرة أظهر نهمًا شديدًا للمعرفة، حيث قرأ كتبًا حول مجموعة واسعة من الموضوعات، ومع هذا المنهج المفتوح على نطاق واسع طور إديسون عمليةً للتعليم الذاتي والتعلم بطريقة مستقلة والتي من شأنها أن تخدمه طوال حياته.
في سن الثانية عشرة، أقنع إديسون والديه بالسماح له ببيع الصحف للركاب على طول خط سكة حديد جراند ترانك كي يستغل سماع نشرات الأخبار التي تُبث في القطار عبر التلفاز طوال الطريق إلى مكتب المحطة من أجل كتابة جريدته الخاصة التي تسمى "Grand Trunk Herald" وقد لاقت مقالاته نجاحًا كبيرًا مع الركاب، وكان هذا بداية سلسلة طويلة من المشاريع الريادية، حيث استخدم إديسون أيضًا وصوله إلى السكة الحديد لإجراء تجارب كيميائية في مختبر صغير أقامه في عربة أمتعة القطار، وخلال إحدى تجاربه اندلع حريق كيميائي واشتعلت النيران في المقطورة، واندفع قائد القطار وضرب إديسون على جانب رأسه مما أدى على الأرجح إلى زيادة الضرر على سمعه، وبعدها طُرد من القطار وأجبر على بيع جرائده في محطات مختلفة على طول الطريق.[1]
أبرز اختراعات إديسون
فيما يلي بعض أهم اختراعات إديسون:[2]
- التلغراف الآلي: في حين أن اختراع صامويل مورس للتلغراف في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر جعل من الممكن لأول مرة التواصل عبر مسافات طويلة كان للجهاز عيوبه، فقد توجب على عامل الهاتف الاستماع إلى النقاط والشرطات الواردة في شفرة مورس، مما أدى إلى إبطاء الرسائل إلى سرعة تتراوح من 25 إلى 40 كلمة في الدقيقة، وكان النظام البريطاني للطباعة التلقائية للرموز بالحبر على الورق قادر على تحقيق 120 كلمة فقط.
بين عامي 1870 و1874، طور إديسون نظامًا متفوقًا إلى حد كبير، حيث استخدم مستقبل التلغراف قلمًا معدنيًا لتمييز الورق المعالج كيميائيًا والذي يمكن بعد ذلك تشغيله من خلال جهاز يشبه الآلة الكاتبة، وكان قادرًا على تسجيل ما يصل إلى 1000 كلمة في الدقيقة مما جعل من الممكن إرسال رسائل طويلة بسرعة.
- الهاتف الكربون: كان ألكسندر جراهام بيل هو من سجل براءة اختراع الهاتف في عام 1876، لكن إديسون وبفضل موهبته في البناء على ابتكارات الآخرين، وجد طريقة لتحسين جهاز إرسال بيل والذي كان محدودًا في مدى تباعد الهواتف بسبب التيار الكهربائي الضعيف، وهنا خطرت لإديسون فكرة استخدام بطارية لتوفير التيار على خط الهاتف والتحكم في قوتها باستخدام الكربون لتنويع المقاومة، ولفعل ذلك صمم جهاز إرسال تُوضع فيه قطعة صغيرة من السناج (تعبير عام يشير إلى جسيمات الكربون الناتجة عن الاحتراق غير الكامل للهيدروكربونات) خلف الحجاب الحاجز، حيث تحرك الموجات الصوتية الصادرة عن المتحدث الحجاب الحاجز كي يتغير الضغط على مصباح الإضاءة، وفي وقت لاحق استبدل إديسون السناج بحبيبات مصنوعة من الفحم، وهو تصميم أساسي ظل مستخدمًا حتى الثمانينيات.
- اللمبة أو المصباح: خلافًا للاعتقاد الشائع لم يخترع إديسون المصباح الكهربائي المتوهج، لكنه ابتكر تصميمًا وسوقه وكان أول تصميم طويل الأمد بما يكفي ليكون عمليًا للاستخدام على نطاق واسع.
في أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر، صمم إديسون مصباحًا مفرغًا يمكن فيه تسخين خيوط معدنية لتوليد الضوء، وفي إحدى الليالي بعد أن دحرج بين أصابعه قطعة من السناج خطرت له فكرة التحول إلى السلك المتفحم، واستخدام الكرتون المكربن في البداية، ثم بدأ بتجربة مواد أخرى واستقر في النهاية على الخيزران الذي يمتلك أليافًا طويلة تجعله أكثر متانة، وفي النهاية أتاح الجمع بين خيوط الخيزران ومضخة التفريغ المحسّنة التي تزيل الهواء بطريقة أكثر فاعلية زيادة عمر المصابيح إلى ما يقرب من 1200 ساعة.
- الفونوغراف: أثناء تطوير جهاز الإرسال الهاتفي الخاص به، راودت إديسون فكرة إنشاء آلة يمكنها تسجيل الرسائل الهاتفية وتشغيلها، وقد قادته هذه الفكرة إلى تخيل أنه قادر على تسجيل ليس فقط الأصوات ولكن الموسيقى والأصوات الأخرى، ويقد كان ذك من خلال استخدام الصوت لهز الحجاب الحاجز ودفع القلم الذي يصنع فجوات على أسطوانة مغطاة بورق شمعي يدور بواسطة كرنك، وفي أواخر عام 1877، بنى إديسون الجهاز بمساعدة ميكانيكي باستخدام رقائق القصدير بدلاً من الشمع، وقد نجح منتجه وحصل على براءة اختراع.
أحدث فونوغراف إديسون ضجة كبيرة وساعد في تعزيز سمعته كمخترع عظيم، وفي النهاية بدأ في تسويق وبيع الآلات وسجلات الاسطوانات وعاد مرة أخرى إلى استخدام الشمع، ولكن بحلول أوائل القرن العشرين تفوقت الفونوغرافات الخاصة بشركة فيكتور توكينج ماشين كومباني التي تشغل الأقراص على اسطوانات الفونوغراف على منتج إديسون في شعبيتها، حيث كانت أن الاسطوانات المنافسة تنتج صوتًا بجودة أفضل، ومع ذلك كانت الأقراص القديمة لا تزال تتمتع بميزة كبيرة من حيث اتساعها لأربع دقائق من الموسيقى مقارنة بدقيقتين للاسطوانات الحديثة.
- كاميرا الفيلم والمشاهد: في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، أشرف إديسون على تطوير تقنية يمكن تسجيل الأحداث فيها بطريقة مرئية، وكان تنفيذ معظم العمل على كاميرا أفلام مبكرة تدعى "Kinetograph" وعارض أفلام منفردة يدعى "Kinetoscope" من قبل ويليام كينيدي - لوري ديكسون في شركة "Edison"، وبذلك أصبحت الأفلام صناعة كبيرة وسرعان ما استبدلت كاميرا ومشاهد "Edison" بابتكارات مثل "Lumière Cinématographe"، وهي مجموعة من الكاميرات وطابعة وجهاز عرض يسمح للجمهور بالاستمتاع بمشاهدة جماعية، ومع ذلك تكيف إديسون مع الوضع وأصبحت شركته استوديو أفلام مبكر ومزدهر، وأنتجت عشرات الأفلام الصامتة بين 1890 و1918 عندما أوقفت الإنتاج.
- بطارية تخزين قلوية: عندما تطورت صناعة السيارة في أواخر القرن التاسع عشر، كانت السيارات الكهربائية أكثر شهرة من تلك المجهزة بمحركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالبنزين، لكن السيارات الكهربائية القديمة كان لها عيب كبير، فقد كانت البطاريات المستخدمة ثقيلة وتميل إلى تسريب الحمض مما يؤدي إلى تآكل الأجزاء الداخلية للسيارة.
قرر إديسون مواجهة التحدي من خلال اختراع بطارية أخف وزنًا وأكثر قوة ويمكن الاعتماد عليها، وبعد إجراء بحث مكثف وتجريب العديد من التصاميم، توصل إديسون إلى بطارية قلوية موثوقة وبدأ إنتاجها في عام 1910، وكما هو الحال في العديد من اختراعاته، سرعان ما طغى على عمله تطوير هنري فورد لسيارة موديل تي الرخيصة التي تعمل بمحرك احتراق داخلي، وتحول استخدام بطارية تخزين إديسون إلى مصابيح التعدين والقطارات والغواصات، وأصبح المنتج الأكثر نجاحًا في مسيرة إديسون المهنية اللاحقة.
ميراث إديسون
يمكن رؤية فحوى عمل إديسون من خلال براءات اختراعه المتمثلة بـ: 389 للضوء والطاقة الكهربائية، و195 للفونوغراف، و150 للتلغراف، و141 لبطاريات التخزين و34 للهاتف، وبذلك تُجسد حياته وإنجازاته نموذج البحث التطبيقي، وقد تركزت اختراعاته على المبادئ الأساسية للعلوم وعلى التجارب العملية وبالتالي عكس المفهوم التقليدي للبحث النظري الذي يؤدي إلى البحث التطبيقي.
كان دور إديسون كمشغل متجر للآلات ومصنع صغير حاسمًا لنجاحه كمخترع، وعلى عكس العلماء والمخترعين الآخرين في ذلك الوقت الذين كانت لديهم موارد محدودة ويفتقرون إلى منظمة داعمة، كان إديسون يدير مؤسسة إبداعية، وكان مبتكرًا عبقريًا تمكن من تحويل نقاط ضعفه المتمثلة بالعزلة المفروضة عليه بسبب الصمم وافتقاره إلى القدرة الإدارية إلى طاقة تحفيزية مكّنته من الإبداع وتحقيق النجاح، وقد تفوق إديسون في العديد من المشاريع كان من الممكن أن يتجنبها الأشخاص الأكثر حكمة لعدم وضوح النجاح فيها، وقلة من الرجال تضاهيه في إيجابية تفكيره، ويُعرف عن إديسون أنه لم يتساءل أبدًا عما إذا كان من الممكن إنجاز شيء ما أم لا، فقط تساءل عن كيفية الإنجاز.
كان إديسون يتمتع بشخصية جذابة وغريبة بنفس الوقت، فقد ساهمت الطبيعة المتناقضة لشخصيته القوية وكذلك غرابة أطواره مثل قدرته على النوم في أي مكان في تجسيده كشخصية أسطورية، وبحلول الوقت الذي كان فيه في منتصف الثلاثينيات من عمره، قيل أن إديسون هو الأمريكي الأكثر شهرة في العالم، وعندما مات قيل عنه أنه الرجل الذي أرسى، أكثر من أي شخص آخر، الأساس للثورة التكنولوجية والاجتماعية لعالم الكهرباء الحديث.[3]
وفاة توماس إديسون
توفي توماس ألفا إديسون في منزله في مدينة غلينمونت في قسم "Llewellyn Park"، وكان ذلك في الساعة 3:24 صباحًا، يوم الأحد بتاريخ 18 أكتوبر عام 1931، وكان عمر المخترع العظيم، الذي غيّرت عبقريته الحياة اليومية بطريقة سحرية، 84 عامًا و8 أشهر.[4]